مدننا السعودية جميلة، ووجهها هادئ مشرق ويشع بالحيوية والشباب، ومع كل طلعة شمس يمكن لسكانها أو لزائريها أن يلحظوا جديدا في ثوبها الفضفاض.. إما بقعة خضراء تغازل العيون أو تطريزا معماريا يداعب النفس ويعاندها في حب. هكذا يرى أمناء المناطق مدنهم أو من هم في مكان المسؤولية عن التطوير! لكن كيف نراها نحن كمختصين عمرانيين؟! من نافذة هذه الزاوية بجريدة «اليوم»، التي تشرفت اليوم بالانضمام لكوكبة كتابها، سأكون معك عزيزي القارئ أسبوعيا؛ لتشخيص واقع مدننا عمرانيا واقتصاديا واجتماعيا؛ للتأكيد على المستوى الجيد لأن مدننا ليس فيها عيوب عمرانية لأن شكلها العمراني يمثل الواقع الذى مر ويمر به المجتمع، والعمران في مدننا يعبر عن طفرة لها ارتباط وثيق بمجتمع له تكوينه الاجتماعي والثقافي الخاص، كما أن شكلها وتصميمها انعكاس للتطور الاقتصادي الذي مررنا وما زلنا نمر به. من وجهة نظري، إن أضلاع مثلث المعاناة أو الفرح في مدننا لا يخرج من مكوناته الثلاثة، المتمثلة في الفضاء العمراني ومن يعيش به وأنشطة الحياة اليومية، وهذه الزاوية الصحفية هي لإحداث نوع من التوعية التي لا ينجح في إجرائها وتوصيلها إلا وسائل الإعلام -وبالتحديد الصحافة- في تفنيد هذه الأضلاع. لأنه للأسف الصحافة لدينا لا تهتم بالوعي الحضاري العمراني. ودعني أقولها بشكل آخر، لو سألت أي شخص عن أي أمر ثانوي ليس له أهمية على مستوى النخب الفكرية، سيجيبك على الفور باسمه، أما لو سألته عن الموسوعة الإسلامية للتخطيط العمراني فلن يعرف ولن يرد؟!. اسمحوا لي أن أمارس جزءا من جلد الذات، فالصحافة تعالج المؤثرات الوقتية والرغبات عند الناس، ولا تذهب للحل الإستراتيجي متوسط وبعيد المدى. ولكي أؤكد كلامي هذا، عليك بمراجعة أي صحيفة محلية على مدار سنة كاملة، وابحث هل نشر فيها بحث يهتم بمدننا!. ولن أطيل عليك عزيزي القارئ، لن نحسن من جودة معيشتنا في مدننا ولن تتجانس مفرداتها بالشكل المطلوب إلا بمساعدة الإعلام المرئي والمكتوب خاصة ومن خلالها يمكن أن نحقق التجانس في مدننا السعودية، ببعث الطراز الإسلامي من جديد ونحافظ عليه. والحمد الله أن الفكر هنا موجود والأسس متوفرة ودعاة العمارة الإسلامية موجودون وأسس التصميم المعماري والتخطيط الحضري موجودون أيضا. فمدننا لا ينقصها شيء، لكن أكثر ما يزعج جمالها تلك المساحات الواسعة الفارغة في المدينة، وعند أطرافها. كما أن أصحاب الأراضي الفضاء التي تنتظر التطوير أو فرض الرسوم يمكنهم تجميلها وذلك بإحاطتها بالخضرة أو الأشجار لحين موعد تطويرها. لكي لا تتألم مدننا في عيوننا وتتجمل في عيونهم.