عاش ضمن عائلة فقيرة مكونة من اثني عشر فردا، ذاق شظف العيش في بداية حياته، إلا أنه استطاع رغم تلك الظروف أن يتجاوز مختلف العقبات، ويتغلب على أصعب المشاكل ويقود أكبر شركة نفط في العالم، الحياة الصعبة التي عاشها جعلته يحس بكافة الموظفين من حوله صغيرهم قبل كبيرهم، ويصافحهم واحدا واحدا عند زياراته لهم، ذلك هو الأستاذ عبدالله جمعة، إيمانا منه بأن البعد الإنساني جانب أساسي في عمله الإداري، من هنا يتضح سر الحب والتقدير له من موظفي أرامكو حتى اليوم، وعلاوة على ذلك، لم يعمل على الاقتطاع من مستحقاتهم وميزاتهم حتى في أحلك الظروف التي مرت بها الشركة، اعتقادا منه أن أفضل طريقة لربحية الشركة هو في الاهتمام بالموظفين، وبالتالي فان تفوقه الإداري الذي كان ممتزجا بالجهد والكد والتعب، كان أيضا مطرزا بقيم ورؤى مميزة ساهمت في تفوقه ونجاحه، حيث يشير إلى أن حس الفكاهة لديه وفي أحلك الظروف ساهم في حل الكثير من المشاكل التي واجهته، من هذا المنطلق سار في العمل الإداري وتفوق وأبدع فيه حتى أصبح خبيرا ومتحدثا إداريا ليس على مستوى الوطن بل على المستوى العالمي، حيث يدعى بين فترة وأخرى لإلقاء العديد من المحاضرات بالخارج، وهذا ما دعاني لسؤاله لماذا لا تنشئ مركزا إداريا لتعليم القيادة؟ فأنت ممن مارس القيادة والإدارة وأولى من غيرك ممن لم يمارس. وعلاوة على ذلك فقد امتاز الأستاذ عبدالله بالكثير من الصفات الحسنة، فالاهتمام بالصحة أمر ضروري لكل فرد وقد أولى هذا الجانب اهتماما كبيرا، فهو رياضي منذ القدم،، ويؤكد انه يمارس الرياضة بشكل يومي طوال السنوات الماضية، كما انه يشير إلى ضرورة التعلم المستمر، ويضيف أنه يقرأ في كل يوم ساعة أو ساعتين، سواء إبان عمله بشركة أرامكو أو بعد تقاعده منها، وهذا ما وفر له حصيلة قوية من الثقافة في مجالات عديدة، وساهم في صقلها الجو العائلي المحيط به، فوالدته كانت تحفظ الكثير من الشعر، من هنا أصبح هو من المهتمين بالشعر، علاوة على تأثره بأخيه الأكبر المرحوم الأستاذ جبر الذي كان على علاقة قوية به، وساهم في بلورة شخصيته وثقافته أيضا، كل تلك العوامل أهلته لتبوؤ قيادة شركة أرامكو. وإذا كانت قيادة شركة مثل أرامكو أمرا صعبا، فان قيادة مثل هذه الشركة والاحتفاظ بحب وتقدير موظفيها حتى الآن، أمر صعب جدا، حيث يعتبر البعض أن الحزم والشدة، وربما القسوة رديفان للقيادة الإدارية، إلا أن الأستاذ عبدالله استطاع أن يمتلك عصى القيادة الناجحة، واستطاع أن يمتلك قلوب الموظفين في آن واحد، تبقى مسألة الاستفادة من كل هذه التجارب عبر كتاب يحوي كافة مذكرات قيادي بارز، فتجاربه استمرت في أرامكو وحدها 40 عاما، تستحق أن يتم تحويلها إلى كتاب يستفيد منها أبناء الوطن بل والعالم. كلي أمل أن يتحقق ذلك في القريب العاجل، وأجزم أنها ستكون أكثر فائدة وأعلى قيمة من العديد من الكتب الغربية، إذا ما أتيح لها كاتب يبرزها بصورة تليق بها، ونحن بانتظار ذلك الكتاب في أقرب وقت، وبالله التوفيق.