ما يحصل لنا في الحياة ليس هو الأمر الذي يحدد سعادتنا ومستوى صحتنا، بل تفاعلنا مع ما يحدث هو الأمر الأكثر أهمية، فإذا كنت تعيش في منزل جميل ولكنك ترى شخصا يملك منزلا أجمل فهل ستشعر بعدم الرضا وتنسى جمال منزلك؟ أم ستستمتع بما تملك وتشكر ما لديك؟ يقال ان العشب دائماً يصبح أكثر اخضرار في الجهة المقابلة لمنزلك، لكنك إذا اهتممت بعشبك الخاص ولم تعر الكثير من الوقت والجهد لمراقبة عشب المحيطين بك فستختبر سعادة أكبر وصحة أفضل في الحياة، فما تركز عليه هو ما يهم. وبدلا من التذمر حاول أن تركز على ما أنت ممتن تجاهه، فالامتنان يولد الامتنان، وكلما زادت الأشياء التي أنت ممتن تجاهها ستلمس حيوية أكثر في جسدك ومشاعرك. فأفكارنا ومواقفنا تلهم أفعالنا التي تَخَلق عالمنا، فما نوع العالم الذي نود صناعته؟ إن التذمر لا يفسد حياتنا فقط بل يؤثر بقوة في من حولنا، فالأمر يشبه فيزيائية الشوكة الرنانة، فعندما تضرب الشوكة تهتز الأشياء القريبة منها، وعندما نتذمر على نحو مستمر بالقرب مِمَّن حولنا، نفجر شكواهم ونستفزهم كي يبحثوا بشكل مفاجئ عن النقص في حياتهم، وهكذا يصبح التذمر جرثوما معديا ينهكنا ويمرض من يحيط بِنَا. إذا شعرت بالرغبة في البدء من جديد؟ وأن تصبح شخصا مختلفا، فهناك أسلوب علمي يمنحك ذلك. كل فكرة تسبب تغييرات مجهرية في بنية الدماغ، بمعنى أن الأفكار تترك آثارا مادية في الدماغ بالطريقة نفسها التي نترك بها آثار أقدام على الرمل، فالدماغ شبكة متغيرة باستمرار من الخلايا والروابط العصبية، وعندما نتبنى أفكارا جديدة فنحن ننمي روابط جديدة بين الخلايا العصبية، ومع تكرارالفكرة تزداد ثخانة تلك الروابط ويتشكل الدماغ بشكل مختلف، وهكذا في أي وقت تغير فيه طريقة تفكيرك ستضمر الكثير من الروابط القديمة وتقوى الروابط الجديدة التي تتوافق مع طريقتك الجديدة. دعنا نقل انك كنت تشتكي بشأن أشياء معينة، وقمت ببناء خرائط دماغية تدعم أفكارك السلبية، فبإمكانك الآن أن تقرر التفكير بشكل إيجابي وممارسة الامتنان، وينصح البعض بحمية عدم التذمر لمدة واحد وعشرين يوما على الأقل، وعندها ستبدأ خرائط الشكوى في التقلص والانكماش شيئا فشيئا، وبزيادة المدة ومرور الأيام ستصبح خريطة الامتنان الايجابي أكبر من الخريطة السلبية، وسترتبط الطرق الجديدة بشكل راسخ في دماغك، وتصبح شخصا مختلفا تماما عن القديم.