هل سمعتم بما حدث؟ تزدحم منصات محطة القطار (سينت بانكراس) في لندن وصالات المغادرة في مطاراتها بالكثير من المصرفيين الاستثماريين القلقين، الذين طلب منهم أرباب عملهم الانتقال إلى أوروبا في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد. بالطبع، هذا لا يحدث على الإطلاق، فقرار المملكة المتحدة بالخروج من الاتحاد الأوروبي لم يعمل على استثارة عملية النزوح هذه بين عشية وضحاها. لكن البنوك التي حذرت بأنها ستنظر في موضوع نقل الآلاف من الموظفين إلى خارج بريطانيا التي خرجت من الاتحاد الأوروبي هي بالتأكيد من يقوم بتقييم «الأسبوعين القادمين، أو الشهرين، أو العامين»، كما ذكرت شركة الخدمات الاستشارية كيه بي إم جي عندما قامت بتعيين أحد كبار شركائها ليصبح رئيسا لقسم جديد حول خروج بريطانيا. قال أندريا أورسيل، الرئيس التنفيذي لبنك يو بي إس، يوم الثلاثاء: «إن الحكومة الفرنسية والحكومة الألمانية وعددا من الحكومات الأخرى تقوم بتقديم، إن كنت أستطيع تسميتها كذلك، حجة للناس من أجل الانتقال إلى بلديهما». لذلك، أي المراكز المالية المتنافسة تبدو أكثر جاذبية؟ على أساس خفض التكلفة فقط، هنالك عدد من الخيارات. تتنافس لندن وبانتظام مع هونج كونج باعتبارها أغلى مدينة في العالم في مجال تأجير المساحات المكتبية. وتحتل المرتبة الثانية وفقا لأرقام جمعتها الشركة العقارية (سي بي آر إي) للربع الأول من هذا العام، مع احتلال باريس للمرتبة الرابعة عشرة، ودبلن المرتبة الثلاثين، وفرانكفورت المرتبة السابعة والأربعين. بالنسبة لبنك يسعى للحصول على مكتب أوروبي رخيص التكلفة، تبدو فرانكفورت ولوكسمبورج هي الخيار الأفضل. بالنسبة لقسم موارد بشرية يسعى للحصول على البيئة الكلية الأفضل لموظفيه، تبدو فرانكفورت أيضا هي المكان الجذاب. في بطاقة الأداء السنوية للمدن التي تعتمد على نوعية الحياة عموما، بما في ذلك الاعتبارات مثل الاستقرار السياسي والخلفية الاقتصادية والحرية الشخصية والأنظمة المدرسية، تمنح شركة الخدمات الاستشارية (ميرسر) العاصمة المالية الألمانية المرتبة السابعة كأفضل مكان للعيش. وتصنيفها لعام 2016 الذي شمل 230 مدينة يمنح لوكسمبورج المرتبة التاسعة عشرة ودبلن المرتبة الثالثة والثلاثين. المصرفيون الذين طلب منهم الانتقال يمكنهم توقع حدوث انخفاض في تكاليف السكن أينما انتهى بهم المطاف. بالنسبة للشقق الموجودة في وسط المدينة، تعد لندن ثاني أغلى مدينة في أوروبا بعد موناكو، مع احتلال باريس للمرتبة الثالثة بنصف التكلفة تقريبا، ولوكسمبورج المرتبة العاشرة. رغم ذلك، تظهر فرانكفورت ودبلن أنهما حتى أرخص من غيرهما. في حفلات العشاء المقامة في لندن، يغلب على الحديث أن يتذبذب ما بين أسعار المنازل والحالة المزرية التي يشير إليها السكان المحليون من باب التندر باسم «الصيف البريطاني العظيم». أما باريس ولوكسمبورج فهما حتى الآن أفضل الخيارات من حيث الجو الدافئ، وحيث العاصمة الفرنسية تتفوق في فصلي الربيع والشتاء في الوقت الذي تقدم فيه لوكسمبورج صيفا أكثر دفئا قليلا. وتمتلك الساحة الوسطى لملعب ويمبلدون سقفا قابلا للطي، لكن بالنسبة للمتداولين الراغبين في العيش في مكان ما يمكنهم التخطيط فيه وبشكل موثوق لإقامة حفل شواء قبل ساعتين مقدما، تعد باريسالمدينة الفائزة بكل وضوح مع وجود حوالي نصف الأيام الماطرة التي تشهدها لندن في معظم شهور السنة. وتحرص المدن التي تنافس لندن في الحصول على لقب كبرى المراكز المالية الأوروبية على اجتذاب الأعمال التجارية بعيدا عن عاصمة المملكة المتحدة. كتب رئيس الحكومة الإقليمية في باريس إلى 4 آلاف مسؤول تنفيذي بريطاني في اليوم الذي أعقب التصويت لصالح الخروج من الاتحاد، مؤكدا على فضائل العاصمة الفرنسية. وكانت الرسالة المكتوبة على لوحة تطوف في شوارع لندن في الخامس من يوليو هي: «هدئ من روعك وارحل إلى برلين». ركزت وكالة الاستثمار الأجنبي في إيرلندا، آي دي إيه إيرلندا، على مزايا دبلن التي تميزها عن الشركات المالية في لندن. إذن ما هي النتيجة التي سأتوصل إليها بعد حساب أعداد الخيارات المتوافرة بعد لندن؟ بالنسبة للتحدي اللغوي، تعد إدنبره الناطقة باللغة الإنجليزية مكانا له مزاياه الساحرة، رغم أن دبلن توفر قدرا أكبر من اليقين فيما يتعلق بقضية عضوية الاتحاد الأوروبي. وتعد لوكسمبورج المكان الأكثر أمانا للعيش في العالم، ويبدو المعجبون بمدينة فرانكفورت متحمسين إزاء نوعية الحياة وسهولة الوصول إلى الريف. لكن إن كنت تريد تكرار الاتساع الثقافي الذي يميز مدينة لندن - والاستمتاع بالجلوس إلى الشاطئ - عليك اختيار مدينة باريس.