الأستاذ سلمان بن سالم الجمل رجل متميز لذلك عَرَفته الأوساط الاجتماعية بفنونها الشعبية.. وعرفته الأوساط التربوية لعلاقته الوظيفية بها من خلال أنه يحمل بكالوريوس جامعة الملك سعود بالرياض عام 1402 ه في التربية وعلم النفس وعرفته كذلك الأوساط الأدبية من خلال كتاباته الثقافية والأدبية في جريدة (اليوم) ناهيك عن بحوثه العميقة وكتابه (العرضة رقصة الحرب) يرسم له بصمات في ثقافة المحافظة ويخلد اسمه بل ويسطر بأحرف من ذهب ويكفيه فخرا أن الأستاذ الشيخ عبد الله بن خميس قدم له حيث قال في جزء من مقدمته: لباس أهل العرضة في ذلك الحين لا يعتبر لباسا خاصا بالمعنى المعروف لدينا حاليا إنما هو اللباس السائد في ذلك الوقت إضافة إلى ما يحتاجه المحارب من حزام وذخيرة وسلاح فإن هيئة المشارك في العرضة هي ارتداء ثوب الشلحات (المرودن) وقد يرتدي عليه الصاية أو الجوخة أو الزبون أو المزوبة إضافة إلى شماغ أو غترة الشال يجعل عليه العقال أو العمامة ويلبس حذاءه المستعمل في ذلك الوقت مثل الزربول وما استحدثه بعده ويرتدي على صدره فوق الثوب الحزام محزما مملوءا بذخيرة من الرصاص (والمجند) والمشلح (بيت الفرد) (والقرن) والخنجر في وسطه والسيف بيده وقد يحمل الجفير على جانبه الأيسر معلقا بخيط على كتفه ويكون وضع المجند على جنبه الأيمن والمشلح على جنبه الأيسر والقرن على جنبه الأيمن فلذلك فإن هيئة المشارك بالعرضة جميلة بهذا التناسق والتنظيم بهذا اللباس. وأخيرا امتاز هذا الكتاب بتأصيل الكثير من العادات والتقاليد في العرضة.. ومن ذلك ربطها بالتاريخ الإسلامي ولقد حفل الكتاب بالكثير من الصور والنماذج لأدوات العرضة، وشعر العرضة، إنه لكتاب قيم بما فيه من معلومات اجتهد الباحث في جمعها وربطها ببعضها بأسلوب أدبي جيد ولا شك أن الكتاب لا يهم الخليج فقط بل إنه يهم الجزيرة العربية عموما وأهلها من العرب الأصلاء. وانتقل سالم إلى رحاب ربه الرحمن الرحيم وما نقول إلا ما يرضي الله وندعو له بالمغفرة والرضوان. لقد عرفناه دمث الخلق أحبه من حوله من الزملاء في العمل والأصحاب في مدينة العيون. العرضة من الاستعراض أو العرض العسكري وهي أنواع في أدائها وشعرها رغم أن مسماها واحد في الجزيرة العربية والخليج والعرضة عبارة عن تجمع شعبي رائع يصف سابقا ما كان للحرب أما حاليا فإنه للاحتفالات ويقول المؤلف عن ذلك (عندما يتلقى الناس الدعوة للمشاركة في غزوة ينادي منادي الحرب ويمر على المنازل طالبا الخروج إلى مكان التجمع وحاليا عندما يكون هناك احتفال رسمي أو شعبي فيبدأ المشاركون في العرضة بالتجمع في المحفل وتقام العرضة وقد يكون في البلدة فرقة أو أكثر). أما عن أصل العرضة فإن المؤلف يقول: (إذا نظر أي إنسان إلى العرضة وهيئتها وبما تتضمنه من أشعار حماسية تصف الحرب وتفتخر بالقبلية وتذكي الحماس والفخر في نفوس الأفراد ويستخدم فيها من طبول وزعيق وزغاريد حرب ومبارزة وما يتقلده الرجال من سلاح كالبنادق أو السيوف أو الحراب ليجزم بأنها رقصة حرب وهي عرض عسكري من ذلك يصعب تحديد فترة معينة كبداية للعرضة سواء قبل الإسلام أو بعده عند العرب أو غيرهم) وشعر العرضة مميز عن بقية الأشعار يقول المؤلف في ذلك: (يتميز شعر العرضة بلونه الحربي الحماسي يصور فيه الشاعر جو المعركة فيلهب حماس المشاركين في العرضة ويفخر الشاعر بقبليته ويذكر فيها نخوة جماعته لكي يبعث فيها العزم ويحث جماعته على صدق اللقاء ومكارم الأفعال ويذكر الشاعر في العرضة تلك الأغراض من وصف وحماس وحث في قصيدة لا تتجاوز غالبا الأبيات العشرة حيث إن قصيدة العرضة لا تسمح بالشرح أو السرد إنما هي للرفع من الروح المعنوية لأهل العرضة ). في أواخر رمضان الفائت.. والشهر الكريم يلفظ أنفاسه الطاهرة الكريمة واكبته روح الاستاذ سلمان وودعت عالمنا الفاني عسى الله أن يجعلها مع النفوس المطمئنة التي يقال لها ((فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)) جزاء ما أعطى وطنه ومجتمعه من علمه وأدبه وإخلاصه.