يشكل الغاز الطبيعي حوالي ربع مصادر الطاقة العالمية وهو أفضل أنواع الطاقة الاحفورية من حيث الأثر على البيئة وتغيرات المناخ. ويقدر حجم تجارة الغاز المسال بحوالي 10% من اجمالي امدادات الغاز العالمية. وهذا يعني أن 90% من الغاز المنتج بالعالم ينقل عبر الأنابيب و10% ينقل بواسطة الناقلات بعد أن يضغط ويبرد ويحول إلى سائل. ولقد وصل الانتاج العالمي للغاز المسال الى حوالي 245 مليون طن مرتفعاً بحوالي 5 ملايين طن عن مستويات عام 2014م. وهذا أكبر ارتفاع في انتاج واستهلاك الغاز المسال في العالم إذ لم يصل الانتاج العالمي لهذه القمة من قبل وهذا يدل على ان هذا المصدر المهم للطاقة في نمو متسارع. وجاءت هذه الارتفاعات بالانتاج نتيجة للمصانع الجديدة التي بدأ بعضها بالعمل باستراليا. ويمكن القول إن نمو الطلب العالمي على الغاز المسال يقدر سنوياً بحوالي 7% منذ عام 2000م مقابل حوالي 2.7% للغاز الطبيعي العادي. ويتم نقل الغاز المسال بين دول العالم بواسطة اسطول كبير مكون من 410 ناقلات ضخمة. لاشك ان انخفاض اسعار النفط العالمية في عام 2015م قد أثر كثيرا على أسعار الغاز المسال لارتباطه الوثيق بسعر النفط. ولقد انخفضت أسعار الغاز المسال من معدل 15.6 دولار للمليون وحدة حرارية في عام 2014م الى معدل 9.4 ويباع الآن بأقل من 5 دولارات للمليون وحدة. وتتغير أسعار الغاز المسال بحسب الأسواق فمثلا تعد الأسعار في اليابانوكوريا الجنوبية الاعلى في العالم (سوق المحيط الهادي) مقارنة بالأسعار الأوروبية (سوق المحيط الاطلسي) ولقد وصل الفرق بالأسعار بين هذين السوقين إلى حوالى 6 دولارات للمليون وحدة في عام 2014م ولكن الفارق انخفض في عام 2015م الى 1.5 دولار للمليون وحدة. واغلب تجارة الغاز المسال تكون ضمن عقود طويلة الأجل بين البائع والمشتري وهذه العقود قد تمتد إلى عشرين عاما. ويبلغ عدد الدول المصدرة للغاز المسال 17 دولة ولكن تبقى قطر حاليا أهم منتج ومصدر للغاز المسال في العالم اذ انها تنتج حاليا حوالي ثلث الانتاج العالمي وبعدها تأتي استراليا واندونيسيا وماليزيا ونيجيريا وترينيداد والجزائر. وتنتج هذه الدول السبع أكثر من 70% من الانتاج العالمي للغاز المسال وهذا يشير بوضوح الى ان صناعة الغاز المسال مازالت محصورة بدول قليلة بالعالم. ويوجد توجه عالمي باستبدال الفحم والطاقة النووية في توليد الكهرباء بالغاز ولهذا بدأنا نلاحظ ارتفاع الدول المستوردة لهذه المادة الاستراتيجية. وتدخل في كل عام تقريباً دول جديدة الى عالم استيراد الغاز المسال. وفي عام 2015م انضمت باكستان والاردن وبولندا ومصر للدول المستوردة. والجدير بالذكر ان عدد الدول المستوردة للغاز المسال في عام 2000م كان 10 دول فقط واما الآن فارتفع عدد هذه الدول ليصبح 33 دولة. وهذا يشير الى مدى تنامي الاهتمام الدولي باستيراد الغاز الطبيعي. وتعد اليابان أكبر مستورد ومستهلك للغاز المسال في العالم، وفي عام 2015م استهلكت لوحدها حوالي 34% من الانتاج العالمي. وارتفع طلب اليابان للغاز المسال بشكل واضح بعد حادثة فوكوشيما اذ اغلقت اليابان بعدها مفاعلاتها النووية ورفعت اعتمادها على الغاز والفحم في توليد الكهرباء. وتستهلك كوريا الجنوبية حوالي 14% والصين 8% والهند وتايوان حوالي 6% لكل منهما وبذلك تستحوذ اسيا على اكثر من 70% من الاستهلاك العالمي للغاز المسال. ولكن معظم الدراسات تتوقع ان يتقدم الشرق الأوسط كاحد أهم المناطق المستوردة للغاز المسال في العالم وذلك بسبب حاجته المتزايدة للطاقة. ولقد استوردت العام الماضي كل من مصر والاردن وباكستان مجتمعة ولاول مرة فى تاريخ هذه الدول 6 مليون طن. واستوردت ايضاً الكويت 3 ملايين طن والامارات مليوني طن وتركيا 5.6 مليون طن. وبهذا فان منطقة الشرق الاوسط مرشحة لتكون صاحبة اكبر نمو لاستهلاك الغاز المسال في العالم. ومن المهم القاء الضوء على مستقبل هذه الصناعة وعلى اللاعبين الأساسيين فيها حيث يتوقع ان يرتفع الطلب العالمي على الغاز المسال الى 500 مليون طن بحلول 2030م. تتصدر حالياً استراليا المشهد وتقوم ببناء طاقات كبيرة لاضافة 54 مليون طن ليصبح انتاجها بعد 2-3 سنوات حوالي 83 مليون طن لتتخطى بذلك قطر التي تبلغ طاقتها الانتاجية 77 مليون طن (ولا توجد مشاريع جديدة مقترحة بقطر لانتاج المزيد من الغاز المسال) وبذلك ستصبح استراليا قريباً اكبر منتج للغاز المسال في العالم. الحقيقة ان امريكاواستراليا سيغيران كثيرا من اساسيات وارقام هذه الصناعة. وأما ثورة الغاز الصخري الامريكية فلقد اطلقت ملايين الاطنان من الغاز الطبيعي الذي يفوق حاجة امريكا ولذلك بقى تصديره كغاز مسال هو الحل الوحيد لانقاذ صناعة الغاز الامريكية من الافلاس لان اسعار الغاز الطبيعي بامريكا قد هبطت الى مستويات أقل من كلفة الانتاج. ولقد وافقت الحكومة الامريكية على انشاء عشرات المصانع في الولاياتالمتحدة بهدف تصدير الغاز المسال وتقدر طاقة المصانع التي يجري تشييدها الان في امريكا حوالي 62 مليون طن. وبحسب تقرير الاتحاد العالمي للغاز فان طاقة المشاريع المقترحة والتي تنتظر موافقة الحكومة الامريكية عليها أكثر من 300 مليون طن. وهذا الرقم يعكس مدى التخمة المتوقعة في اسواق الغاز المسال في المستقبل المتوسط (2025-2030م). ولقد حذت كندا حذو امريكا اذ انها بصدد تشييد طاقات جديدة من الغاز المسال وتبلغ قدرات المشاريع المقترحة في غرب كندا حوالي 200 مليون طن وحوالي 50 مليون طن في شرق كندا. وبهذا فان مستقبل صناعة الغاز المسال ستنتقل الى امريكا الشمالية والتي سوف تصبح بعد عدة سنوات اكبر مركز لصناعة وتصدير الغاز المسال بالعالم. ولكن مستقبل صناعة الغاز المسال غير محدود باسترالياوامريكا الشمالية فقط بل تم اكتشاف كميات كبيرة من الغاز في شرق المتوسط وافريقيا مثل موزمبيق التي تقوم بالتعاون مع الشركات العالمية بالتخطيط لانشاء مصانع غاز مسال بطاقة 8 ملايين طن. وفي الختام لقد غير الغاز المسال الكثير من معالم الطاقة العالمية فعلى سبيل المثال كانت روسيا شبه محتكرة لتوريد الغاز الى وسط وشرق اوروبا وكانت تستخدم ورقة الغاز في المناورات السياسية كما حدث مع اوكرانيا. ولكن وصول الغاز الصخري الامريكي الى اوروبا سوف يخفف هذا الاحتكار. والاكيد ان تزامن الانتاج الصخري الامريكي والانتاج الاسترالي الكبير سيضر بالاسعار وسيكون فرصة لاستيراد دول جديدة لهذا الغاز ولاسيما والتنافس على الزبائن بين المنتجين التقليديين (قطر وماليزيا ونيجيريا والجزائر) والمنتجين الجدد (امريكاواسترالياوكنداوموزمبيق) سيكون على اشده وبالتالي مزيداً من الاسعار المنخفضة والعروض المغرية.