في أي حادثة داعشية تقع في السعودية، تجد «الفاضي» يتخذها فرصة للهجوم على التعليم، و«المشاغب» يجد فيها لذة الشتم بالعلماء، وإلصاق التهم بهم! حادثة الرياض التي قتل فيها شابان والدتهما، وطعنا والدهما وأخاهما، جريمة تهتز لها القلوب والعقول بمعنى الكلمة. وما زلت حتى اللحظة أجهل السبب العجيب الذي اختطف هذه العقول، وحولها لأداة لقتل أقرب الأقربين.. ما الذي خدّر فكْر شاب لينفذ هذه العمليات.. هل هو سحر سلب منه عقله، هل هو مخدر تعاطاه.. هل هو صديق حشا عقله وفكره بحيث يرى الأبيض أسود والعكس، هل هو بتأثير الانترنت والحسابات الداعشية حيث غذوه بالشبهات وأقنعوه بأن الجنة تنال بقتل الأم والأب!! وحدها وزارة الداخلية تعرف كيف يتدعشن هؤلاء الشباب؟ وما وسيلة التدعشن، أهي بجليس سوء، أم سفر إلى مناطق الصراع، أم عن طريق النت؟ وكيف يُحقن شاب غض بفكرة القتل؟ وأتفهم جيداً أن تحتفظ الوزارة بهذه الأسرار، لكن كإعلاميين يظل الإنسان يبحث عن أصل فكرة التدعشن ووسيلتها وطريقتها كيف بدأت الفكرة لدى الشاب، ثم تطورت إلى أن وصلت إلى القتل! كتبت في مقال سابق.. إن أبا موسى الأشعري قال: كان - عليه الصلاة والسلام - يحدثنا أَن بين يدي الساعة الْهَرْجَ، قيل: وما الْهَرْجُ؟ قَال: الكذب والقتل. قالوا: أكثر مما نقتل الْآن؟ قَال: إِنه ليس بقتلكم الكفار، ولكنه قتل بعضكم بعضاً، حتى يَقتل الرجلُ جاره، ويقتل أخاه، ويقتل عمه، ويقتل ابن عمه. قالُوا: سبحان اللَّه! ومَعَنَا عقولنا؟ قال: لا، إلا أنه يَنْزِعُ عقولَ أهل ذاك الزمان، حتى يحسب أحدكم أنه على شيء وليس على شيء». وجاء في حديث آخر وصف أصحاب الفكر الخارجي بقوله: «حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام..» فهم صغار سن، وأفكارهم طائشة. بقي أن نقول إن الدور الكبير على الوالدين في حماية أولادهم من خطر التطرف، وضرورة الاقتراب منهم والتحاور معهم، وهناك مؤشرات للتطرف على الوالدين التنبه لها؛ كسهولة اتهام الآخرين بالكفر، تكفير الحكومات ورجال الأمن، هجر المساجد بحجة أن إمام المسجد معين من قبل الدولة، الفرح بالعمليات الإرهابية، انتقاص النجاحات التي يحققها المجتمع، إهمال الدراسة والعمل، وتفضيل العزلة عن أسرته وأصدقائه، تلميع مقاتلي التنظيمات المنحرفة.. وبما أن المواطن رجل الأمن الأول، ففتٍّح عينيك وراقب من حولك، وبلّغ عمن تشتبه به، هذا من الوفاء، فإنقاذ شخص سيلقي بنفسه للتهلكة واجب، وإنقاذ مجتمع أو أسرة ستتلظى بهذا الفكر من أوجب الواجبات، فنحن مع داعش في تطور مخيف، بدأت فكرتهم باستهداف الأمن، ثم المساجد، ثم قتل الأقارب، ووصل الحال إلى قتل الوالدين! ٭ قفلة.. قال ابن عباس - رضي الله عنه- «والله لا أعلم عملاً أحب إلى الله من بر الوالدة».. بأي جنة يتغنى من يقتل والدته، ويقترف أعظم الذنوب والعقوق؟!