تُشكل زيارة ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية انطلاقة قوية نحو التحول الحقيقي على كافة الأصعدة لتحقيق رؤية المملكة 2030، والتي شهدت اتفاقيات وتحالفات اقتصادية نوعية في شتى المجالات لخدمة الوطن والمواطن، وتأسيس عهد جديد من العلاقات التي يتحقق فيها المزيد من المنافع المشتركة بين البلدين. وشهدت سان فرانسيسكو لقاء ولي ولي العهد مع الرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت»، وكبار المسؤولين في شركة «سيسكو سيستمز»، حيث تم توقيع اتفاقيتين مع الشركتين بهدف تحويل المملكة إلى مملكة رقمية، والتي يتم من خلالها تأهيل الكفاءات الوطنية ودعم التحول الرقمي والابتكار القائم على المعرفة، وفقا لرؤية السعودية 2030. وأكد الرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت» ساتيا ناديلا أن لدى «مايكروسوفت» الحماسة لشراكة مع المملكة وفق مبادرتها لتحول المملكة إلى مملكة رقمية فعلا، مشيرا إلى أن المشاريع التي سيعمل بها مع السعودية، منها ما يتعلق بتحويل البيانات إلى ثروة نفطية جديدة تساعد على التنبؤ وخلق قوة تحليلية كبيرة، مشيرا إلى أن مايكروسوفت ستأتي بالتكنولوجيا لتسهم في ترجمة رؤية السعودية 2030، متطلعا أن يتم ذلك في أقرب وقت ممكن. كما التقى ولي ولي العهد كبار المسؤولين في شركة «سيسكو سيستمز» خلال زيارته مقر الشركة، الرئيس التنفيذي للشركة جون تشامبر والفريق الإداري، واطلع على عرض عن أحدث التقنيات المبنية على الأبحاث، بما فيها تقنيات تم ربطها بشركات الاتصالات، وتم توقيع مذكرة تفاهم تهدف إلى تسريع وتيرة التحول الرقمي في السعودية وفق رؤية 2030. وتضمنت لقاءات ولي ولي العهد اجتماعا مع المدير التنفيذي المؤسس لشركة «أوبر ترافس كلنك»، جرى خلاله مناقشة الشراكة الاستراتيجية القائمة، وخطط الشركة في دعم مسيرة تطورها. ووصف «كلنك» بعد الاجتماع التعاون مع السعودية بأنه رغبة مشتركة، وقال: «نعمل في السعودية منذ عامين، ونعتقد بأننا نقوم بعمل جيد، ونحن شركة عالمية ونخدم 500 مدينة وأكثر من 70 دولة، وبينما تسعى السعودية للانفتاح على العالم نستطيع أن ننظر إلى التقنيات المبتكرة التي توفرها (أوبر) التي تنظر إلى فرصة تطوير المواصلات في المدن حول العالم، وهذا يشمل خلق عشرات الآلاف من الوظائف في المدن التي نعمل فيها ونتخلص من التلوث ومن الازدحام المروري». وكان صندوق الاستثمارات العامة السعودي اشترى في وقت سابق حصة بقيمة 3.5 بليون دولار في «أوبر»، في خطوة تهدف إلى تنويع مصادر اقتصادها لتقليص الاعتماد على عائدات النفط. في الوقت الذي اكد اقتصاديون ان زيارة ولي ولي العهد لأمريكا تشدد على تقوية التحالفات وطرح رؤية المملكة بشكل واضح وقوي للتشجيع على جذب الاستثمارات للمملكة وتشجيع رؤوس الأموال والشركات الكبرى للدخول في السوق السعودي، مؤكدين ان وجود اغلب الوزراء في الزيارة يؤكد أهمية الزيارة وجديتها في تحقيق الرؤية من خلال عقد الكثير من التحالفات والصفقات الاقتصادية الهامة وجلب الاستثمارات بشكل عام، والانتقال من الدولة النفطية إلى الدولة الاقتصادية باستثماراتها في كافة المجالات. فيما اكد قياديون أمريكيون ان زيارة ولي ولي العهد للولايات المتحدةالأمريكية والتي التقى خلالها بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، وعدد من المسؤولين والمستثمرين الأمريكيين تصب في صالح تعزيز الشراكة السعودية الأمريكية، والدفع بها إلى مستويات أعلى بما يعبر عن مدى قوة تحالف البلدين، مشيرين الى أن الزيارة برزت أهميتها الحيوية في مناقشة تكثيف العلاقات الدفاعية بين المملكة وأمريكا، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، إلى جانب توثيق التعاون في حل النزاعات الإقليمية الجارية التي تهدد المصالح المشتركة للبلدين، مشيدين بالخطط الجريئة والذكية للإصلاح الاقتصادي في المملكة المبنية على أسس رؤية المملكة 2030، وما تمخض عنها من برامج مثل: برنامج التحول الوطني 2020، الأمر الذي سيجعل من السعودية القوة الأكثر أهمية على المستويين الإقليمي والعالمي، مؤكدين أن صناع السياسة الأمريكية، والمشرعين، وكبار رجال الأعمال لديهم الآن فهم كبير لأهمية رفع مستوى الشراكة مع المملكة بعد لقائهم بولي ولي العهد، والاستماع لحديث سموه عن خطط وبرامج المملكة الاقتصادية التي تتماشى مع أسس رؤية المملكة. أوضحت انتصار المالح المتخصصة في الاقتصاد أن زيارة الأمير محمد بن سلمان الحالية للولايات المتحدة وتوقيعه عددا من الاتفاقيات والمشاريع لتكون استثمارات داخل المملكة ستوجد فرصا وظيفية جديدة هائلة يمكن أن تصل إلى 300 ألف وظيفة، مشيرة إلى أن هذه الشركات سيعمل بها كوادر سعودية، ومن المستحيل أن جميع من يعمل بها سيكونون من الجنسية الأمريكية أو الأوروبية. وأشارت المالح في ذات السياق الى أن هذه الاستثمارات ستوفر رؤوس أموال جديدة لسد فراغ البطالة السعودية بالتعاقد مع الشركات الأجنبية التي توفر للمملكة المواد أو الفرص التي تدر الأموال، مؤكدة أن خطوة ولي ولي العهد خطوة قوية. وأبانت المالح أن توقيع الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد هذه العقود مع الشركات الأمريكية الكبرى على المدى البعيد من هذا العام حتى تحقيق الرؤية سيجني أموالا كبيرة من ناحية السياحة. فالمملكة ستكون دون نفط وبالتالي ستحتاج إلى موارد مالية أو موارد غير نفطية، مبينة أن السياحة والترفيه سيكونان أكبر مورد مالي خلال الأعوام المقبلة. وأضافت المالح في هذا الصدد: إن الدولة ستكون شريكة في هذه الشركات ولها نسبة كبيرة من هذه المشاريع التي أبرمت من قبل ولي ولي العهد، فخطوته في جذب ملاهي «سكس فلاقز» و «سي وورلد» في الخليج أو الشرق الأوسط سيجني أموالا خيالية، بالإضافة إلى جذب للسياحة الترفيهية وشهرة للمملكة خصوصا مع المترو الجديد في العاصمة الرياض. من جانبه، أوضح محمد العمران المتخصص في الاقتصاد أن العمل على أرض الواقع لتحقيق رؤية المملكة 2030 من خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية رسالة جادة من حكومة المملكة بفتح الاقتصاد السعودي أمام الاستثمارات الأجنبية وتحديدا من الشركات الأمريكية، مشيرا إلى أنه تم التركيز على شركات متعددة صناعية وتكنولوجية بالدرجة الأولى. وأبان العمران في ذات السياق أنه خلال الفترة المقبلة يتوقع أن نسمع عن الكثير من المبادرات والاجتماعات والاتفاقيات مع شركات أجنبية كي يكون المجال أمامها مفتوحا للدخول في الاقتصاد السعودي. وأشار العمران الى أن هذه الاستثمارات لو نجحت بالتأكيد ستكون لها فوائد كبيرة مثل: أن تكون هناك إضافة للناتج المحلي، وحصول الشباب السعودي على الوظائف، وضخ أموال جديدة للاقتصاد، بالإضافة إلى مشاريع الخصخصة الحكومية سواء للقطاع الخاص داخل المملكة أو المستثمرين الأجانب، مبينا أن المهم هو النجاح في تنفيذ هذه الاستراتيجية، وأن نجذب فعلا هذه الاستثمارات الأجنبية للسوق السعودي. وفي شأن متصل، أفاد المحلل الاقتصادي فضل البوعينين بأن هذه الأيام هي عصر التقنية والشبكات الإلكترونية التي فعلت التواصل ورفعت كفاءة الأعمال وأوجدت قطاعات اقتصادية منتجة لم تكن معروفة من قبل، وطورت قطاعات تقليدية لترفع جودة خدماتها وكفاءة ادائها وربحيتها. وتسيطر شركات جوجل وأبل على قائمة الشركات الأكبر عالميا. وأوضح البوعنين في تصريح ل «اليوم» ان هناك جانبين للاهتمام السعودي بقطاع التقنية، حيث إن الجانب الأول على علاقة بأحد أهداف رؤية 2030 المرتبط بالحكومة الإلكترونية التي تهدف الى الاعتماد الكلي على التقنية بعيدا عن العمل التقليدي لضمان الجودة وإيجاد بنية تحتية لتحقيق أهداف أخرى لا يمكن تحقيقها وفق العمل التقليدي البيروقراطي، بالإضافة إلى نقل التجارب الناجحة في الولاياتالمتحدةالامريكية لتطوير البنى التحتية الالكترونية وإنشاء قطاع تقنية متكامل يمكن أن يتحول الى نواة الابتكار والبقاع مستقبلا من الاهداف الطموحة. وأشار البوعنين إلى أن الجانب الثاني مرتبط بالاستثمار، حيث يسعى صندوق الاستثمارات العامة لضخ جزء من استثماراته في شركات التقنية الكبرى التي تحقق له البعدين الاستثماري والاستراتيجي،رغم سرعة نمو تلك الاستثمارات إلا انها لا تخلو من المخاطر بسبب الابتكارات السريعة التي قد تخلق منافسين كثيرين في فترة زمنية قصيرة. من هنا يفترض ان يكون التعامل الاستثماري مع قطاع التقنية أكثر تحفظا بما يضمن خفض المخاطر ورفع حجم العوائد المالية. ويعتقد البوعنين أن الاستثمار في الشركات التقنية الوليدة ذات رأس المال المنخفضة يمكن ان يحول تلك الاستثمارات في حال توسع الشركات المستهدفة الى ثروات طائلة كما حدث في تويتر وفيس بوك وجوجل التي تحولت الى عمالقة في قطاع التقنية خلال فترة زمنية قصيرة. وشدد المحلل الاقتصادي على أهمية نقل التقنية إلى المملكة وتأسيس قطاعات منتجة وذات كفاءة عالية. فالنمو في هذا القطاع كبير والفرص الاستثمارية متجددة، ونحن في أمس الحاجة لتطوير اجهزتنا الإدارية وفق الحكومة الإلكترونية المطلقة في دول العالم المتقدم.