حتى الآن هنالك حوالي 500 مبادرة مطروحة على جدول مشروع التحول الوطني الذي يترسم أهدافه في مدة لا تتجاوز خمس سنوات من الآن، وخمسة عشر وزيرا أعلنوا شروع وزاراتهم في تبني تلك المبادرات، والبدء بتنفيذها فعليا على أرض الواقع، ما يشير إلى أننا دخلنا مرحلة التحدي الحقيقي فيما يتصل برؤية السعودية 2030م، ابتداء بخطة التحول الوطني 2020م والتي ستكون هي مؤشر الأداء، والمقياس العملي على مدى جاهزية جميع القطاعات للدخول في غمار هذا التحدي الوطني الكبير، وغير المسبوق، لا من حيث حجم الطموحات والبرامج، ولا من حيث الوعاء الزمني المرصود لتنفيذه كمشروع أمة، لأن خمس سنوات، وخمس عشرة سنة لا يمكن حسابها في عمر الدول والمشروعات الوطنية، والتي عادة ما يتم بناؤها على مدى لا يقل عن بضعة عقود، لكن المملكة قدرت أنها أمضت ما يكفي من الوقت ويفيض في الاعتماد على الاقتصاد الريعي، واستثمرت جيدا في البنية التحتية، وأن أي وقت إضافي في هذا الإطار لن يكون في صالح مشروعها الذي يجب أن ينطلق بهمة الشباب، تماما كما كتب برؤية الشباب، ولغتهم، حيث قرر ملك صناعة التحوّل، ومؤسس الدولة الحديثة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- أيده الله- أن يفتح الباب واسعا أمام أفكار الشباب لتقود المرحلة الجديدة، على ضوء المتغيرات المعاصرة، وذلك انطلاقا من أننا نعيش في وطن تصل فيه نسبة الشباب من الجنسين قرابة ال 70% من مجموع السكان، إلى جانب ما توافر لهذه الشريحة العريضة من أسباب التعليم عبر ما يربو على 30 جامعة محلية، وما تلقاه البعض الآخر من خلال برامج الابتعاث المتتالية، مما جعل البلد يحتكم على ثروة معرفية شبابية في مختلف التخصصات لا تقدر بثمن، ما يعني أنها تحتاج فقط إلى من يضعها في مكانها الصحيح ليبدأ استثمارها لصالحها وصالح وطنها، وهنا جاء حماس الشباب بقيادة سمو الأمير الشاب محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على قدر المسؤولية، وبحجم طموح المليك ورؤيته النافذة ليتلقف هذه البادرة، ويعمل على بلورتها لتنضج برنامج التحول الوطني والرؤية على مدى 15 سنة قادمة لأخذ البلاد من اقتصاد النفط، إلى اقتصاد الاستثمار المتعدد، واستثمار المعرفة، لرسم مستقبل الوطن بكل ألوان الطيف، وبما يجعله غير مرتهن لسلعة واحدة مهما كان حجمها، وإذا كان الرهان اليوم على الزمن، فإنه بذات الوقت سيكون أيضا على القدرة على تجييش هذه القوافل من شباب الوطن للتصدي لهذا المشروع العملاق، والذي أرادت له القيادة أن يكون محصنا بجهاز يراقب ويقيس مؤشرات الأداء، حتى لا يدع مجالا لأي تراخ أو تخاذل أو تقصير، وهو نمط جديد في صيغة الإدارة يتم تطبيقه لأول مرة على القطاع الحكومي، وهو ما سيعمل على تأمين هذه الرؤية العابرة للزمن، والتي رفعت راية التحدي بسقوفها العالية الطموح، وراية الإصرار على استباق الوقت بمواعيدها المبكرة والقريبة، والتي دشنتْ التحدي الحضاري الأكبر على مستوى المنطقة والعالم قياسا بعناوينه وتوقيتاته.