كانت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ الاخيرة الى المنطقة في يناير الماضي 2016، والتي تعتبر الاولى منذ توليه السلطة زار خلالها السعودية ومصر، ثم ايران، تحولا استراتيجيا في السياسة الخارجية الصينية، وذلك يعود الى تضخم مصالح الصين في المنطقة. فالصين تعتبر المستورد الرئيسي للنفط من الشرق الأوسط. وفقا للتقرير الاسبوعي ل«اسيا كابيتال» تستورد الصين نصف وارداتها من النفط الخام من منطقة الخليج. وبالتالي يعتبر أمن الطاقة بالنسبة لها احد اهم التحديات الرئيسية التي تهدد سيادتها ومصالحها الحيوية في منطقة الخليج العربي. وأمن الطاقة مرتبط بشكل مباشر بالأمن البحري، خاصة في ظل تنامي الترابط العضوي بين المحيط الهندي والخليج العربي من ناحية وبحر العرب من ناحية اخرى على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي. فالخليج العربي يعد من اهم المناطق الجيو-استراتيجية في العالم، فعبر منفذه الحصري مضيق هرمز يمر سدس انتاج النفط العالمي. ومن خلال المضيق يمكن الوصول الى بحر العرب فالمحيط الهندي. وبالتالي فإن هذا المضيق يربط أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم مع المحيط الهندي والتي من خلالها تستورد الصين امدادات الطاقة الحيوية وتنجز تبادلاتها التجارية. فالأهمية الاستراتيجية لمضيق هرمز لا تقتصر على اعتباره ممرا لناقلات النفط فقط وإنما أيضا لطبيعته التجارية، حيث إن جانبا كبيرا من تجارة دول المنطقة الواقعة على طول سواحل الخليج تمر من خلاله وعبر مياهه. حتى أصبحت سلامة وأمن الملاحة في المحيط الهندي مرتبطين بسلامة وأمن الملاحة في مضيق هرمز. فحادثة احتجاز ايران 15 عنصرا من جنود البحرية البريطانية في شط العرب كرهائن في مارس 2007، وحادثة يناير 2008 حين استفزت خمسة زوارق للحرس الثوري الايراني ثلاث سفن تابعة للبحرية الامريكية في مضيق هرمز والتهديدات الايرانية المتكررة بغلق مضيق هرمز وعمليات القرصنة البحرية والسطو المسلح التي من شأنها إعاقة طرق الملاحة الدولية، توضح بما لا يدع مجالاً للشك مدى اهمية الامن البحري لمنطقة الخليج. وحسب التقرير الأسبوعي الصادر عن شركة «الشال» الكويتية للاستشارات، انه في حال «أغلق المضيق فسيكون ضرره أكبر على مستهلكي النفط، اذ من المفترض ان يمنع نحو 17 مليون برميل يومياً من المرور الى الأسواق، تمثل نحو 20% من انتاج النفط العالمي، ونحو 40% من صادرات النفط أو من تجارة النفط العالمية». وأوضح التقرير ايضا «ان أكبر المتضررين من المستهلكين ستكون دول آسيا المستوردة لنفط الخليج، وأهمها الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية». وبالتالي فحرية تدفق إمدادات الطاقة عبر الممرات المائية في الخليج العربي عامل جوهري لتفادي الانهيار الاقتصادي والصناعي في العديد من دول العالم من ضمنها الصين التي تعتمد بشكل اساسي على إمدادات الطاقة من دول الخليج. اعتقد ان الحوار الاستراتيجي المشترك بين الصين ودول الخليج والذي انطلق في عام 2010، يعتبر الاطار المهم والاساسي لمناقشة الامن البحري. ففي الاجتماع الوزاري المشترك الثاني للحوار الاستراتيجي، الذي عقد في أبوظبي في مايو 2011، تم وضع خطة العمل المشترك للحوار الاستراتيجي (20142017م) والتي تشمل التعاون في مجالات عديدة أبرزها التشاور حول قضايا امن الطاقة والامن البحري. وقد تم اقرار الخطة في الاجتماع الوزاري المشترك الثالث للحوار الاستراتيجي الذي عقد في يناير 2014، بمدينة بكين. الا ان السنتين الماضيتين منذ اقرار الخطة لم ار تحركا جديا في موضوع تعزيز الامن البحري، واتمنى ان يكون في نهاية خطة العمل تقييم حقيقي ودقيق وشفاف لما تم انجازه وخاصة في موضوع الامن البحري فالصين لديها مصلحة واضحة في دعم امن واستقرار منطقة الخليج في وجه التهديدات، وعليه يفترض على الصين المساهمة اكثر في حماية الممرات المائية وتكون لاعبا بارزا في تعزيز الأمن البحري. يقول وزير الخارجية الصيني في ختام الجولة الثالثة للحوار الاستراتيجي بين دول الخليج والصين التي كانت في بكين «إن منطقة الشرق الأوسط تتميز بمكانتها وامكانياتها الاستراتيجية المهمة، وبالتالي فإن صيانة السلام والاستقرار فيها تتفق مع المصالح المشتركة لدول المنطقة والمجتمع الدولي بأسره، وفي مقدمته جمهورية الصين الصديقة».