إلى المتشائمين حول مصير المواد الهيدروكربونية، هناك بشرى سارة وخبر سيئ. في عام 2015، كانت هناك استثمارات قياسية في مجال الطاقة المتجددة، وأضيفت قدرة قياسية، وكثير منها في الاقتصادات الناشئة. لكن على الرغم من الاستثمارات الضخمة، الحصة العالمية من الوقود الأحفوري لا تتقلص بسرعة كبيرة. مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية لا تزال تمثل حصة ضئيلة من إنتاج الطاقة، وهناك عدد من العوامل التي يمكن أن تحول دون نموها في السنوات القليلة المقبلة. رين21 (REN21)، جمعية الطاقة المتجددة الدولية المدعومة من قبل برنامج الأممالمتحدة للبيئة، لخصت تطورات مثيرة للإعجاب في هذا القطاع في عام 2015. بلغ إجمالي الاستثمار في الطاقة المتجددة والوقود 285.9 مليار دولار، وهو أعلى رقم قياسي حتى الآن، وزادت قدرة الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة المائية، بمقدار 148 جيجاوات -رقم قياسي آخر- لتصل إلى 1.8 تيراواط. للعام السادس على التوالي، كانت الاستثمارات في القدرة الجديدة من الطاقة المتجددة أعلى من محطات توليد الكهرباء التي تعمل بحرق النفط والغاز. جاءت معظم الزيادة من العالم النامي. وكانت الصين في المقام الأول. جاءت الولاياتالمتحدة في المرتبة الثانية، وأضافت قدرة شمسية وطاقة رياح أكثر من أي بلد آخر. وأضافت تركيا معظم نشاط التوليد من الطاقة الحرارية الأرضية. حكاية الدول الغنية الصديقة للبيئة والدول الفقيرة المتباطئة عفا عليها الزمن. استثمرت موريتانيا بأكبر حصة من الناتج الاقتصادي في مجال الطاقة المستدامة في عام 2015، تليها هندوراس وأوروغواي والمغرب. بنغلاديش هي أكبر سوق لأنظمة الطاقة الشمسية المنزلية. قد يتصور المرء أن ثورة الطاقة تحل بسرعة مكان الوقود الأحفوري. وهذا ليس صحيحا. على الرغم من أن الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وفي صناعة النفط تعتبر ذات حجم مماثل - تم استثمار 522 مليار دولار في النفط في العام الماضي - إلا أن الطاقة المستدامة تنمو من قاعدة منخفضة جدا. الرياح والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية والطاقة الحرارية الأرضية المستخدمة في توليد الكهرباء - المجال الذي ركزت معظم الحكومات جهودها عليه في الطاقة المستدامة - تمثل فقط 1.4 في المائة من الاستهلاك العالمي للطاقة. نقرأ عن نجاحات كبيرة - كوستاريكا بنسبة 99 في المائة من الكهرباء التي يتم توليدها من مصادر الطاقة المتجددة، أوروغواي بنسبة 92.8 في المائة، ومع قدوم معظم طاقة ثلاث ولايات ألمانية من الرياح - ولكن فطام العالم من الوقود الأحفوري يعتبر معركة شاقة. أحد أسباب ذلك هو التركيز المفهوم من قبل الأجهزة المنظمة على توليد الكهرباء. منشآت الرياح والطاقة الشمسية تعتبر سهلة الترويج نسبيا: التكنولوجيا هي بالفعل هناك، كل ما تحتاج الحكومات إلى القيام به هو دعم استخدامها عن طريق فرض ضرائب إضافية أو إعطاء مبالغ تشجيعية إلى الأسر والشركات التي تقوم بتوليد الكهرباء بنفسها. لكن من الأصعب بكثير إنشاء آلية فعالة بالقدر نفسه في وسائل النقل، التي تستخدم نصيب الأسد من المنتجات النفطية. على الرغم من أن توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية والرياح هو منذ الآن يباع بأسعار تنافسية مع الوقود الأحفوري في كثير من البلدان، إلا أن السيارات الكهربائية الحديثة تعتبر أغلى سعرا من غيرها، وثقيلة الحركة (نعم، حتى سيارات تسلا)، وتقع على مسافة بعيدة وراء السيارات المنافسة التي تعمل بالبنزين من حيث المسافة التي تستطيع السيارة أن تقطعها. وسيكون مكلفا على الحكومات دعمها إلى الدرجة التي تجعلها شائعة. الآن، وحيث ان النفط يعتبر رخيصا نسبيا، فإن السوق العالمية تتجه نحو السيارات التي تستخدم المزيد من البنزين، وخاصة السيارات ذات الاستخدامات الرياضية. لا عجب أن الاستهلاك العالمي للنفط في عام 2015 توسع بأسرع معدل منذ خمس سنوات. هذا العام، من المقرر أن يتواصل هذا النمو. والزيادة في قدرة مصادر الطاقة المتجددة قد تصطدم ببعض العقبات في وقت قريب. معظم التوسعات في العام الماضي جاءت من قدرة إضافية للرياح والطاقة الشمسية. بلدان مثل ألمانيا وبولندا أضافت الكثير من طاقة الرياح لأن حكوماتها على وشك إنهاء الدعم المباشر والانتقال إلى طرح العطاءات للبرامج، والتي تسمح فقط بأقل العطاءات لبناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء. هذا يتسم بالإنصاف: الحكومات الأوروبية كانت ترعى منتجي الطاقة المستدامة عندما كان من الصعب بالنسبة لهم التنافس من حيث السعر مع توليد الكهرباء بالطرق التقليدية، والآن حان الوقت لاتباع نهج أكثر تركيزا على السوق. لكن هذا التحول في السياسة من المحتمل أن يسبب تباطؤ الاستثمار بدءا من عام 2017. توليد الكهرباء بالطاقة الضوئية الشمسية لديه مشكلة أخرى في الأسواق التي يتمتع فيها بحصة كبيرة قائمة بالأصل، خاصة في أوروبا. يقول تقرير رين 21 إنه «كلما زاد اختراق الطاقة الشمسية الكهروضوئية نظام الكهرباء، كان من الصعب تعويض تكاليف المشروع». «لذلك نحن الآن أمام تحول هام: ابتداء من السباق لتكون ذات تكلفة تنافسية مقارنة مع أنواع الوقود الأحفوري، إلى كونها قادرة على تعويض الطاقة الشمسية الكهروضوئية بشكل كاف في السوق». الأسواق الأخرى أيضا، سوف تصل في النهاية إلى نقطة حيث لابد من تقليص الدعم الحكومي لأنه من الصعب تبريره، والاستثمارات الضخمة اليوم سيصبح من الصعب تعويضها. معدلات الاستثمار والنمو الحالية في مصادر الطاقة المتجددة ليست طبيعية تماما، وليس من المرجح أن تستمر. فقط الكشوفات التكنولوجية الكبيرة في تخزين الطاقة، بالنسبة لشبكات الكهرباء وللسيارات، بإمكانها أن تضمن قفزة أخرى في استخدام الطاقة المستدامة. بدون كشوفات من هذا المستوى، والتي تجعل التوليد التقليدي للكهرباء ومجموعة القوة في محركات السيارات بمستوى أدنى بكثير من الطرق الحديثة في توليد الكهرباء، فإن الطلب على الوقود الأحفوري سيظل قويا لعقود. تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أنه في عام 2040، استنادًا إلى معدل النمو الحالي في الطاقة المتجددة، سيكون معدل استخدام الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء بنفس المعدلات السائدة اليوم. ولا تتوقع الوكالة أي تراجع في الطلب على النفط. أما الذين توقعوا نهاية الدول النفطية والأسعار المنخفضة بشكل دائم فسيجدون أن عليهم الانتظار فترة زمنية طويلة فعلا. سيظل من الممكن كسب الثروات من أنواع الوقود الأحفوري واستمرار قوة البلدان النفطية على الأقل حتى نهاية حياتنا الحالية.