«الأم التي ربت، لا التي أنجبت»، هذا مثل شعبي يصف أن الأم الفعلية للطفل هي المربية وشرح معناه بالتفصيل، أن من قامت على شؤون المولود من تربية وتنشئة واهتمت بأموره الشخصية من عناية ورعاية، هي من يجب أن تُنعت ب «الأم»، لا التي حملت الجنين تسعة أشهر وخاضت آلام وأوجاع الحمل والولادة، حسب ما يختزله هذا المثل من معنى. دون شك.. فإن المرأة عندما تبدأ عملية حمل الجنين في أحشائها ومن ثم المخاض وبعد ذلك الوضع، تعاني وتتحمل عناء وتعب ما قبل وأثناء وما بعد الولادة، إلا أنها مع ذلك لم تنل ذاك المسمى. فالحنان والشعور بدفء الأمومة والرعاية واللمسة الأنثوية الملائكية، لا يمكن لأي طفل في العالم أن ينشأ دون الإحساس والشعور بها في حياته. فهي من تكون معك منذ اللحظة الأولى في حياتك، تساعدك على الوقوف لتخطو أولى خطواتك، تعلمك آداب الحديث وكيف تتعامل مع الآخرين، كيف تشرب وأي من يداك يستحب أن تأكل بها، حجرها سريرك، ذراعها غطاؤك الذي يحميك من شدة البرد عند مرضك، عسى أن يخفف هذا من ألمك وأنينك وأنت في شدة تعبك وعيائك، هي الطاقة المفعمة بالحب، تودعك كل صباح، تدعو لك بالتوفيق والنجاح عند مغادرتك المنزل وتنتظر ساعة رجوعك، لتضمك وتقبلك قبلات اللقاء بعد الفراق، هي.. ماذا!.. عساني أن أقول. أختي شماء... ليست الأخت الكبرى لكن روح القيادة هي من خولتها أن تكون الأم الفعلية، فقد شاء القدر أن تتولى وهي فتاة في العشرينيات مسؤولية أسرة كاملة، بعدما توفيت والدتي وهي في ريعان شبابها بمرض السرطان لتصبح أختي (الأم، الأخت، المربية، المسؤول الأول للأسرة). كانت «رحمها الله» مُنذ فترة طويلة تعاني من نفس المرض الذي أصاب والدتي، إلا أن هذا الابتلاء لم يكسر كبرياءها أو يثني من قوتها وعزيمتها، فذكر الله وتمجيده هو ما يردده لسانها، عندما يشتد عليها ألم المرض، حتى إنك لا تكاد تعرف عند زيارتها هل هي فعلاً مريضة وتعاني من السرطان أم أن (السرطان) أصيب بصبرها وقوة إيمانها بالله وبقضائه وقدره. فالحوار دائماً يبدأ معها بالترحيب بك والسؤال عن أحوالك ولا يخلو حديثها من الفكاهة والجدية، فتراها تقوم على ضيافتك وتبادل الحوار وفتح ساحة النقاش والاستماع والارشاد، في أي موضوع في الشأن العام أو الخاص. أود أن أشير في الختام.. لماذا؟ نسبة الإصابة بمرض السرطان الأعلى في المنطقة الشرقية على مستوى المملكة وبالتحديد في منطقة الأحساء، أرجو من وزارة الصحة والمختصين في البيئة وأصحاب الشأن من منظمات وهيئات، النظر والبحث عن المسببات والأسباب، التي أدت لانتشاره وارتفاع نسبته في هذه المناطق دون غيرها. كما أدعو الله أن يغفر لأختي شيماء ويرحمها ويجعل قبرها روضة من رياض الجنة، ولجميع المسلمين والمسلمات.