رفضت الكويت، أمس الثلاثاء، اتهام إيران بدعم البلاد لأي حركات انفصالية إيرانية، مؤكدة أن «السياسة الخارجية الكويتية واضحة وتعتمد على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة». وقال مصدر دبلوماسي ل صحيفة «الرأي» الكويتية، إن «الاتهام الإيراني ليس له أي أساس، فالكويت لا تدعم أي حركات انفصالية، وسترد عبر القنوات الدبلوماسية على احتجاج طهران، خصوصا أن المؤتمر الذي احتجت إيران في شأنه نظمته شخصيات اجتماعية ولا علاقة لأي جهة رسمية به». ووفقا لصحيفة «الرأي» فإن «الاحتجاج الإيراني يتعلق بندوة عُقدت في الكويت، الثلاثاء الماضي، تحت عنوان (أحواز العرب في كويت العرب) استضافها الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب دوخي الحصبان، وشهدت مشاركة عدد من الناشطين والشخصيات السياسية بينهم النائب السابق علي الدقباسي وبدر الداهوم، كما شهدت حضور السفير السعودي لدى الكويت عبدالعزيز الفايز». وقال مصدر دبلوماسي: إن «طهران احتجت أيضاً على استضافة الكويت للقاءات يجريها أعضاء الوفد اليمني الحكومي المشارك في مشاورات السلام مع ناشطين ومعارضين من الأحواز، بينها لقاء وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي مع وفد من (حركة النضال العربي لتحرير الأحواز)، وإبرازها إعلامياً». وأوضح الحصبان لصحيفة «الرأي» الكويتيةن أنه «أقام حفل عشاء دعا إليه مجموعة من الأدباء والمحامين وبعض الإعلاميين الأحواز العرب من المهجر وحضره مجموعة من الشعراء ونواب سابقون وحاليون ومنهم حقوقيون تونسيون سبق أن حصلوا على جائزة نوبل لأنهم كان لهم دور كبير في المحافظة على بلدهم من اللهيب العربي». وأضاف الحصبان أن «الوفد الإعلامي الأحوازي قدم خلال اللقاء عرضاً للمطالبة بحقوقهم المسلوبة وتحرير أرضهم من إيران باعتبارها بلداً عربياً محتلاً، وهو ما أراه محقاً». واستغرب الحصبان من «عدم تحرك إيران واحتجاجها على البرلمان الأوروبي والبريطاني والفرنسي عندما يتحدثون عن القضية الأحوازية ويحتجون على الكويت، بالإضافة إلى مؤتمرات عقدت علناً في فرنسا والدنمارك والسويد وايطاليا ومصر ودول أخرى ناقشت صراحة انتهاكات حقوق الإنسان في الأحواز والشعوب غير الفارسية، ولم تتحرك طهران للاحتجاج عليها». وأكد الحصبان أن «الكويت دولة ذات سيادة ولا تستأذن أياً كان للسماح بدخول أراضيها، علماً ان أعضاء الوفد الأحوازي في المهجر لا يحملون الجنسية الإيرانية، بالإضافة الى أني مواطن حقوقي أقول رأيي في بلدي ولا يحق لأحد أن يحجر على رأيي وهو ما كفله لي ولغيري الدستور». الأحواز..القضية المنسية وتسلط مثل هذه الأنشطة بشكل سلمي الضوء على قضية الأحوازالمنسية، والتي ظلت محل إهمال دولي وعربي لهذه القضية المستمرة قبل تسعة عقود لهذا الإقليم الواقع جنوب غرب إيران، على رأس الخليج العربي بمحاذاة العراق وتقطنه أغلبية عربية قوامها 5 ملايين نسمة. ووفقا للباحث موسى شريفي الذي أعد دراسة عن الجذور التاريخية للقضية الأحوازية وخارطتها الراهنة وأحزابها المعبرة عنها، وكانت الدولة «الصفوية» قد أطلقت على الإقليم قبل 5 قرون اسم عربستان، غير أن السلطات غيرت الاسم إلى خوزستان، كما غيرت الأسماء العربية لمدن الإقليم إلى أخرى فارسية منذ عام 1936 في عهد الشاه رضا بهلوي الذي خلع حاكمه الشيخ خزعل الكعبي وفرض السيطرة الإيرانية على الإقليم منذ عام 1925. ويضم الأحواز نحو 85% من البترول والغاز الإيراني، و 35 بالمائة من المياه في إيران، ويقع على رأس الخليج بالقرب من جنوبالعراقوالكويت، وتعود أصول عرب الأحواز إلى قبائل عربية أصيلة من قبيل بني كعب وبني تميم وآل كثير وآل خميس وبني كنانة وبني طرف وخزرج وربيعة والسواعد. كما تعد أراضيه من أخصب الأراضي الزراعية في الشرق الأوسط، وتجري هناك 3 أنهار كبيرة هي كارون والكرخة والجراحي، ويحرم النظام الايراني الحالي السكان العرب من هذه الخيرات الطبيعية، مما يجعل البعض يصف الشعب الأحوازي بأنه أفقر شعب يسكن أغنى الأرض خصوبة وخيرا. ورغم نضال امتد لأكثر من تسعة عقود، لا زال النظام الإيراني يمارس أعتى ألوان القمع لهذا الشعب بمختلف تنوعاته، من تجفيف الروافد وغلق المراكز الثقافية، وعدم تدريس اللغة العربية، حتى الإعدام للنشطاء كما حدث العام 2008، وعبر السنوات الماضية حتى هذا العام، حيث يتم إعدام النشطاء من العرب الأحوازيين، وتصدر بحقهم أحكام بالإعدام باستمرار رغم المناشدات الدولية الرافضة لذلك. الجذور التاريخية ويمر الشعب العربي في الأحواز- أو عربستان- بظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، نتيجة وقوعه تحت اضطهاد قومي حاد قل نظيره، منذ أن حلت به النكبة الكبرى في أبريل عام 1925، والمتمثلة في انهيار الحكم العربي في البلاد، وابتلائه بحكم إيراني عنصري مستبد بقيادة رضا خان البهلوي الذي التقت نزعاته الشوفينية وطموحاته الاستعلائية الجامحة مع مآرب الدول الاستعمارية الغربية ومصالحها في المنطقة، بعد قيام ثورة أكتوبر الاشتراكية عام 1917، في نقطة استراتيجية بالغة الأهمية والخصوصية، وهي إقامة دولة إيرانية قوية تشكل سدا منيعا أمام التغلغل الشيوعي إلى المياه الدافئة في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط. وكان ذلك بداية مرحلة مأساوية لم تكتف إيران البهلوي خلالها بضم الأحواز إلى سيادتها قسرا، وبمعزل عن إرادة جماهيرالاحواز، فحسب، بل بذلت كل ما بوسعها لانتزاع هويته القومية وإلغاء خصوصياته الثقافية وصهر عروبته في بوتقة قومية فارسية مشبعة بتعصب بغيض ضد كل ما هو عربي، وتحويل أبنائه إلى مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة، معتمدة على أساليب الترغيب تارة، والترهيب والتهديد، واستخدام سلاح القهر والبطش تارة أخرى. وهكذا فقد تبخرت آنذاك آماله وطموحاته المشروعة في تقرير مصيره بنفسه، بل فُرضت عليه مواجهة غير متكافئة وصراع مرير من أجل الحفاظ على الوجود. وكان من أبرز سمات هذا الصراع تعمد الحكم البهلوي طمس معالم العروبة في الأهواز، من استبدال الأسماء العربية التاريخية للمدن والقرى والشوارع بأسماء فارسية مختلقة، إلى منع التحدث باللغة العربية في المدارس والدوائر الحكومية، بل تجاوز ذلك كله إلى التهجير الجماعي واغتصاب الأراضي العربية وزرعها بمستوطنات فارسية، على غرار المستوطنات الاستعمارية المعروفة عبر التاريخ. وكانت الحصيلة النهائية لتلك السياسات العنصرية والممارسات التعسفية تخلفا وتأخرا شديدا في الوطن الأحوازي، على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، على الرغم مما تحتويه أرضه من مصادر طبيعية، وثروة نفطية هائلة تشكل نحو تسعين في المائة من صادرات إيران البترولية، وبروز أزمة هوية لدى قطاعات كبيرة من شعب الأحواز، ظلت تضغط بآثارها السلبية على أوضاعه الداخلية حتى يومنا هذا. مواصلة الاضطهاد وفي غياب أي اعتراف أو دعم دولي أو عربي حقيقي للقضية الاحوازية العادلة، فقد وجد الشعب الاحوازي نفسه مضطرا لخوض نضاله المرير بأبسط الوسائل المتاحة، خاصة وأنه كان خلال تلك المرحلة الحالكة من تاريخه، يفتقد إلى تنظيمات سياسية ذات تأثير بالغ على مجرى الأحداث. وإلى ذلك فقد أخفقت جميع الانتفاضات والحركات الاحتجاجية التي تفجرت على أرضه، في تحقيق أهدافها السياسية والنضالية، على رغم كل ما قدمته من تضحيات جسام. وللأسباب ذاتها لم تتمكن التنظيمات السياسة الأحوازية المناضلة التي أنشئت منذ خمسينيات القرن الماضي من تغيير الواقع السياسي المأساوي في الأحواز، أو جعل القضية رقما صعبا في المعادلة السياسية في إيران أو المنطقة، برغم أنها لم تتوان في سبيل أهدافها الوطنية عن تقديم قوافل من الشهداء والسجناء. ولكن مع ذلك فإنها قد ساهمت بدور أساسي في كسر حاجز الخوف، ورفع مستوى الوعي السياسي والقومي لدى الجماهير، كما أنها نجحت رغم كل ما كانت تواجهه من ظروف وأوضاع سياسية وأمنية قاسية، في تحقيق أحد أهم أهدافها المرحلية، إلا وهو إبقاء شعلة النضال الوطني متوهجة، وتسليم راية الكفاح الوطني إلى الأجيال الصاعدة من المناضلين الذين يمضون في التصدي الآن لنظام الملالي وهو يمارس أبشع انواع الاضطهاد وطمس الهوية، ومحاولة اذابة القضية. من جهته، قال الأمين العام للجبهة العربية لتحرير الأحواز محمود بشاري الكعبي، في حوار صحفي سابق له، إن المواطنين العرب الذين يقطنون مدينة الأحواز، لازالوا مضطهدين من قبل النظام الإيراني الذي احتل بلادهم عام 1925م وضمها عنوة مع أقاليمها إلى الإمبراطورية الفارسية التي يحلمون بها ولازال لديهم أطماع توسعية بأن تتوسع مطامعهم في الدول العربية وتصديرهم الأفكار التي يؤمنون بها، وهذا ماحصل في التدخلات الصارخة في بعض البلدان العربية والخليجية مؤخرا، فضلا عن قمع السكان العرب في مدينة الاحواز وضواحيها، حيث يمنع عليهم التحدث بلغتهم الأم أو حمل أي وثيقة أو كتاب يحمل الصفة العربية وحتى المصحف الشريف، القرآن الكريم الذي أنزل عربيا يمنع تداوله إن لم يكن مترجما إلى الفارسية فقط، ويمارس النظام الإيراني القمع والبطش بحق سكان هذه المدينة العربية (المنسية) من العشائر العربية المهمشة. ويوضح أن عدد سكان عرب الأحواز الآن يتجاوز 12 مليون عربي من جبال (زاجرس الى مضيق هرمز)، بينما يحاول الإيرانيون إخفاء الإحصائيات الحقيقية، ويتلاعبون بالأرقام الإحصائية للسكان حسب مصلحتهم. تفريس الاحواز وفي السياق، يقول صلاح أبو شريف الأحوازى، أمين عام الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية، إننا ننظر إلى «إيران» على أنها دولة احتلال فارسية تمارس سياسة تطهير دولى بمعنى كل الكلمات المحظورة دوليًا، فهي استخدمت الإجراءات التعسفية لإزالة الهوية العربية للأحواز والقضاء على كل حركة نضالية، ومازالت سياسة تفريس الأحواز بعد الاحتلال مباشرة، حيث أصدر المجلس الإيرانى أمر رضا البهلوى بتغيير أسماء المدن والقرى الأحوازية من العربية إلى الفارسية ومنع الشعب العربى الأحوازى من التعلم باللغة العربية وإجباره على التعلم باللغة الفارسية ومنع ارتداء الملابس العربية فى الدوائر الحكومية ومنع العرب تسمية أطفالهم بأسماء عربية، بالإضافة إلى مصادرة المياه الأحوازية إلى المدن الإيرانية وبيعها. فضلا عن سياسة الاعتقالات والإعدامات والتعذيب بحق الشباب الأحوازى بهدف إخماد المد الثورى لدى أبنائه، كذلك سياسة التفقير والبطالة والتى تعد أهم مأساة أبناء شعبنا الأحوازى وذلك رغم وجود الثروات الهائلة فى الأحواز من بترول، وغاز ومياه وأراض صالحة للزراعة، ويضيق أبوشريف:السياسة الإيرانية تتجه نحو حرمان أبناء شعبنا من كل الإمكانيات وفرص العمل، وهو ما يبين بوضوح العنصرية الفارسية العمياء والحقد الدفين وتعاملهم المزدوج مع العرب وغير العرب. كما تستخدم السلطات الإيرانية المواد المخدرة كإحدى المخططات الهادفة لتذليل هذا الشعب والنيل من مقاومته فتوزع الجهات الخاصة المرتبطة بالاستخبارات يوميا مئات الكيلوجرامات لتخدير الشعب، وخاصة الشباب، فضلا عن الحكم العسكرى المباشر وحرمان الأحواز من الحريات السياسية وإنكار حقه فى تقرير مصيره، حيث يسقط الشهداء بشكل يومي.