الأحد الماضي تُوج نادي لستر سيتي بطلا للدوري الإنجليزي. أجزم أنه في الوطن العربي كله لا يوجد مشجع واحد لهذا النادي المغمور إلا من ربطه شيء معين عاطفي في ذلك المكان كأن يكون درس هناك أو زار صديقا له فقط أما أي سبب رياضي فني بحت فأجزم بعدمه. هذا النادي كان دائما في ذيل سلم الترتيب يصارع على البقاء والهروب من الهبوط، نقاطه مضمونة ذهابا وإيابا لخصومه، ولاعبوه كل من يبرز منهم فالأندية الأكبر منه جاهزون لشرائهم بأزهد الأثمان وأسرع الأوقات لإتمام الصفقات، مدربوه غالبا هم من تستغني عنهم الأندية الأكبر منه فيكون كالرجيع لهم. عام 2015م كان هذا النادي على وشك الهبوط للدرجة الأولى من الدرجة الممتازة ولكنه بقي في الرمق الأخير وفي الموسم الذي يليه والموسم الحالي يتوج بطلا وكأننا قلبنا سلم الترتيب من الموسم الماضي إلى الحالي فأصبح الأخير اولا، لا يهمني كيف حقق هذا الانجاز فالبعض يقول نظرا لتعثر الكبار وسوء حظهم هذا الموسم أصبحت الفرصة مواتية لديه وهنا أقول أين اندية الوسط التي لو حصلت على الدوري لقلت نعم أتفق معكم لكن أن يحصل عليه متذيل الترتيب فهذا يدحض حججكم، وقناعتي ان من يأكل بيمينه هو من يشبع ولا يعتمد على الآخرين في كل شيء. ليس هذا هو لب حديثي، بل هو الآتي.. مدرب ليستر سيتي هو المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري صاحب الشعرات ناصعة البياض بعد 65 عاما من العمر، درب العديد من الأندية الكبيرة مثل تشيلسي الإنجليزي وروما وجوفينتوس الإيطاليين ولم يحقق معهم كلهم إنجازا يذكر، ومن اول موسم مع ليستر حقق الدوري وكما قلت هو إيطالي وما لفت نظري أمر عجيب للغاية ولكنه في قمة الروعة، لحظة تتويج ليستر بطلا بعد استفادته من تعثر أقرب منافسيه نادي توتنهام ونادي تشيلسي أصبح تلقائيا هو البطل دون النظر إلى نتائجة القادمة ولو كانت كلها خسائر وحتى مع فوز أقرب منافسيه فالأمور قد حسمت وانتهت، حينها كنت أتصفح تويتر وأقرأ اخباره فقرأت خبر التتويج الذي لم يكن جديدا لي ولكن الجديد كان كل حساب ايطالي يهنئ المدرب ابن جلدتهم بهذا الإنجاز، فالاتحاد الإيطالي هنأه عبر حسابه الرسمي وموقعه في تويتر، والصحف الإيطالية تغنت به كذلك ووضعت صورته على أغلفتها الرئيسية كما أن عددا من الأندية الإيطالية هنأه رسميا، كنت أقرأ كل تهنئة وأنا مبتسم لهذه الأخلاقيات الرائعة رغم ان بعض الأندية كان يشرف عليها وتمت إقالته منها ومع ذلك تهنئه فالانجاز يجير باسم إيطاليا، حينها تذكرت اللاعب الأسطورة سامي الجابر حين أصبح المدرب سامي الجابر، كيف كان اكثر من ثلاثة أرباع الإعلام والإعلاميين ضده، كيف نطق المفكرون الذين لم ينطقوا يوما عن الرياضة وتهجموا عليه، كان كان بعض الصحفيين يترقب بل يتخيل زلاته ويثبتها قبل وقوعها، تذكرت كيف كانوا ينتقدون لباسه وساعته وزفراته وحتى طريقة احتفاله بأهداف فريقه، تذكرت كيف كان جيش المحاربين يشحذ هممه ويحشد كل أسلحته ضده حتى لم يبق محايد واحد يدافع عنه بل فقط محبوه وجماهيره، وقلت حينها لو كان سامي بطلا للدوري الانجليزي بدلا من رانييري هل سنهنئ ابن جلدتنا؟.