لم تكن النجمة الأمريكية «انجلينا جولي» يوماً بالنسبة لذائقتي الخاصة أيقونة للجمال والفتنة كما يصنفها أغلب المتابعين، فمقاييس الجمال التي أؤمن بها عربية حتى الثمالة ربما، لكن «انجلينا» تعتبر أكبر من ذلك الجمال الظاهري بكثير، هي تمثل بالنسبة لي على الأقل النجمة الإنسانة بكل ما تحمله الانسانية من معنى، حيث لم تمنعها شهرتها الهوليودية الكاسحة، ولا الأضواء السينمائية، ولا النجاجات والإيرادات الهائلة التي تجنيها من أن تسخر كل طاقاتها نحو رسالة سامية تحارب بها الفقر والجوع والمرض الذي يضرب الأبرياء في العالم. الكثير من الفتيات اللاتي يرغبن في الحصول على جسد نحيف مثلها، يعتقدن خطأ أن «جولي» تتبع حمية غذائية خاصة بها للحصول على هذه النحافة، لكن الأمر عكس ذلك، فما إن ظهرت النجمة مؤخرًا حين التقت باللاجئين السوريين بجسدها النحيل في وسائل الإعلام، وهي في حالة صحية سيئة للغاية، حتى أطلق الجميع العنان لتخميناته، خاصة وأنها أجرت سابقًا عملية استئصال الثدي، فيما كتبت العديد من الصحف والمجلات عن مرض فقدان الشهية العصبي ( Anorexia Nervosa) الذي تعاني منه «أنجلينا»، والذي يعتبراضطرابا نفسيا خطيرا يتّسم بانخفاض الشهية أو النفور التام من الطعام بشكل يهدّد حياة الإنسان. كل ما أعرفه حالياً هو أن هوليود لم تنجب إنسانة مثلها حتى اليوم، فهي رغم كل ما تعانيه داخل المستشفى الذي أدخلت إليه قسراً إلا أن يديها النحيلتين مازالتا ممدودتين لرسم الابتسامة وتأمين بيئة صحية وتعليمية للمضطهدين وضحايا الحروب واللاجئين. لا عجب في أن تحتلّ «أنجلينا» المرتبة الأولى في لائحة أجمل الشفاه في العالم، فهي تمتلك شفتين رائعتين بكل المقاييس، ولكنني أظن أن يديها المشرقتين بالعطاء والسخاء، وقلبها الذائب حباً لعمل الخير جاء منسجماً تماماً مع الحياة القاسية التي تحاول اصلاحها، مهما شخّص الأطباء حالتها الصحية فإن ما تعانيه من وجهة نظري هو القسوة التي تعيشها مع المحرومين، نعم القسوة.. فإمرأة مثلها يصعب عليها، بل يستحيل أن تستمتع بحياتها بينما هناك من يتألم ويفارق ويتيتّم ويموت بعيداً عن قدرتها على المساعدة. ما قدمته «إنجلينا» من خدمات للإنسانية لا يمكن لغيرها أن يقدمه ما لم تكن أو يكن مثلها، يسكنهما حب بلا حدود، حب غير مصنّف، غير عنصري، غير مختار، حب غير مشروط بجنس أو عرق أو لون أو دين، حب تجاه كل من قست عليه النزاعات والحروب وأشرار السياسة والحياة.