أنا أُشفق على بنك اليابان. بعد الشعور بخيبة أمل من قرار البنك المركزي في اجتماع السياسة الأخير لتأجيل المزيد من تدابير التحفيز، قامت الأسواق برفع قيمة الين أكثر، مما جعل الصادرات أقل قدرة على التنافس، وخفض أسعار الأسهم، الأمر الذي ثبط الرغبة القوية في الاستثمار والمخاطرة. وهذا يجعل احتمالات انتعاش النمو الياباني أضعف بكثير. لكن ردود الفعل هذه مماثلة لتلك التي كانت قبل بضعة أسابيع، عندما فاجأ البنك المركزي الأسواق بنشاطه، حين أخذ سياسة أسعار الفائدة إلى منطقة سلبية اسمية. على الرغم من أن هذا أمر غير مألوف في الاقتصادات المتقدمة، إلا أن سلوك السوق الذي يبدو أنه غير متناسق هو أمر شائع في الأسواق الناشئة حيث عدم فعالية السياسات هو مصدر قلق. ويدل على حقيقة مهمة: من بين البنوك المركزية ذات الأهمية النظامية، اقترب بنك اليابان من الخط الذي يفصل تدابير السياسة الفعّالة عن التدابير غير الفعّالة، هذا إن لم تكن تؤدي إلى نتائج عكسية. تحفيز البنك المركزي هو واحد من «السهام» الثلاثة التي قالت الحكومة اليابانية إنها سوف تستخدمها في جهود مُتجدّدة لإخراج الاقتصاد بشكل حاسم من عقدين من الركود الاقتصادي. لكن من الناحية العملية، نشاط البنك المركزي الكبير - على شكل أسعار فائدة سلبية وعمليات شراء أصول على نطاق واسع (بالحجم والتغطية على حد سواء) - رافقه تنفيذ مُتقلّب للإجراءات المالية والإصلاحات الهيكلية غير الكافية. في حين أن السهمين الآخرين فشلا بأن يتحققا بالكامل، قرّر بنك اليابان في وقت سابق من هذا العام التجريب أكثر مع السياسة النقدية غير التقليدية. لكن محاولاته أسفرت عن نتائج مُعاكسة للتوقعات، بما في ذلك رفع قيمة الين حتى في الوقت الذي تتسع فيه فروقات أسعار الفائدة وعمليات شراء الأصول مقارنة مع بقية العالم. النتيجة كانت تعريض البنك المركزي لتساؤلات عامة كبيرة، لاسيما من خلال العملية السياسية. في مثل هذه البيئة، من المفهوم أن المسؤولين قرّروا في الاجتماع الأخير تأجيل المزيد من نشاط السياسة. لكن من خلال القيام بذلك، يجدون أنفسهم أمام مُعضلة من المساهمة في تحركات مُكافحة لنمو أسعار الأصول على يبدو أنه بغض النظر عما يفعلونه أو لا يفعلونه. نتيجة السياسة التي من هذا القبيل هي نادرة في الاقتصادات المتقدمة، حيث مصداقية السياسة والقوة المؤسسية تعتبر من المُسلّمات. لأننا نعلم أن البنوك المركزية في هذه الاقتصادات تستطيع حتى التأثير على النتائج من خلال التدخل اللفظي، بما في ذلك نشر التعويذة القوية «سنفعل كل ما يلزم». هذا النوع من النتائج هو أكثر شيوعاً بكثير في الاقتصادات الناشئة حيث مصداقية السياسة والقوى المؤسسية غير قائمة. هذا غالباً ما يظهر عندما تفقد البنوك المركزية السيطرة على العملة - غالباً في سياق تخفيض قيمة العملة غير المُنظّم - تقريباً بغض النظر عن إجراءاتها فيما يتعلّق بأسعار الفائدة. ينبغي أن يتم مراقبة مأزق بنك اليابان فيما يتعلّق بالسياسة عن كثب من قِبل البنوك المركزية الأخرى، بدءاً من البنك المركزي الأوروبي وبنك الشعب الصيني - التي، جنباً إلى جنب مع الاحتياطي الفدرالي، كانت مضطرة إلى الاعتماد على الاستخدام المطوّل لإجراءات السياسة غير التقليدية والتوجيه إلى الأمام لإبقاء اقتصاداتها تعمل في غياب استجابة سياسة شاملة. استجابة السوق بعد الاجتماع الأخير تُسلّط الضوء على الحاجة المُلّحة لتحوّل السياسة - بعيداً عن الاعتماد المُفرط على البنوك المركزية ونحو تدابير تنطوي على إصلاحات هيكلية داعمة للنمو، وإعادة توازن الطلب الكلي، ومعالجة جيوب الإفراط في المديونية وتحسين تنسيق السياسة العالمية والإقليمية. اختبر العالم المُتقدّم بالفعل مجموعة واحدة غير سارة من الظروف التي تُعتبر أكثر شيوعاً في الاقتصادات الناشئة: الرياح المعاكسة الهيكلية وليس الدورية للانتعاش الاقتصادي. الآن بعض من هذه الاقتصادات المُتقدمة قد تكون على وشك تجربة شكل آخر غير مألوف من التعطيل. تجربة بنك اليابان المتطوّرة ينبغي أن تكون بمثابة إشارة تحذير مهمة بأن البنوك المركزية ينبغي أن تأخذ مخاطر عدم الفعالية المتنامية للسياسة النقدية على محمل الجد.