يبدو أن الحوثيين وأنصار المخلوع لم يستوعبوا الدرس جيدا، بإصرارهم الغريب على المضي قدما في لعبة تقطيع الوقت بالمناورات، رغم أنهم يدركون أن ضريبة تعثر مفاوضات الكويت ستكون باهظة، وقد يدفعون ثمنها خروجا كاملا من المشهد السياسي، الذي لن يغفر لهم عبثهم ورهاناتهم الخاسرة، خاصة في ظل المرونة التي أبداها المفاوض الحكومي، حرصا على نجاح المفاوضات، والخروج بالنتيجة بأفضل الحلول التي تجنب الشعب اليمني الشقيق المزيد من المآسي، عبر مشاركة كافة الأطراف في بنائه، بعد تنفيذ القرار الأممي 2216، والإذعان لمنطق العقل، والإيمان بأن سياسة اختطاف القرار، واختطاف الدولة، وإن قدّر لها أن تمر بعض الوقت، فإنها حتما لن تستمر أمام إصرار الشعب اليمني على تنظيف ثورته، ومن ثم قطف ثمارها من خلال يمن حر وسعيد، لا يدين بالولاء سوى لعروبته وإسلامه وسيادته على أرضه وقراره. وفد الحوثي في مفاوضات الكويت، يصرّ على أن يلعب بالبيضة والحجر، فهو في الوقت الذي يبدي فيه شيئا من المرونة، ما يلبث أن ينقلب على ما وافق عليه، مما يشير إلى أنه أولا ليست لديه أي صلاحية كاملة للتفاوض، وثانيا: أن هنالك أياديَ خفية هي من يدير قراره عمليا، خاصة بعدما رفضت السلطات الكويتية السماح لوفد من السفارة الإيرانية بالوصول إلى مقر المفاوضات بذريعة تقديم المشورة للوفد المفاوض، الأمر الذي أكد حضور إيران مرة أخرى على طاولة المفاوضات، وهو ما يعرقل الوصول إلى حلول للأزمة اليمنية، لوجود طرف ثالث هو من يسعى لتطويل أمد الأزمة، وزيادة حجم المساحة الفارغة بين وفدي المفاوضات. خاصة وأن الجميع بات يعرف غاية إيران من هذا التدخل السافر في الشأن اليمني، وإملاء مواقفها على وفد الحوثي الذي لا يزال للأسف يراهن عليها لحماية مصالحه، على أمل الخروج بالنصيب الأكبر من المغانم في هذه الجولة، ربما تحت سيطرة الوهم بأن مرونة الوفد الحكومي، وحرصه على الحل السلمي، إنما هي من أجل سواد عيون الحوثيين، أو خوفا ممن يقف خلفهم، في حين أنها المرونة المسؤولة التي تأتي حقنا لدماء الأبرياء من الشعب اليمني من الطرفين، وانصياعا للحل السلمي ما أمكن إلى ذلك سبيلا، وهو ما يبدو أنه خارج نطاق استيعاب العقلية الحوثية، التي تفاوض، وحين تصل إلى نقطة اتفاق لا تعجب الراعي الرسمي، تعمد لارتكاب الخروقات على الأرض لتنسف كل ما توصلت إليه مع الطرف الآخر، في لعبة مكشوفة، حتى المبعوث الأممي لم يستطع أن يخفي تذمره منها، حينما ألمح في بعض تعليقاته إلى ضرورة التزام الطرفين بمقتضيات الحوار في إشارة ضمنية إلى التناقض الفاضح بين ما يستقر عند وفد الحوثي، وما يجري من انتهاكات من قبلهم على ساحة العمل العسكري. الآن على الحوثيين أن يقرروا إلى أي اتجاه سيأخذون فريقهم، إلى صنعاء أم إلى طهران؟، لأن مفاوضات الكويت لن تستمر إلى الأبد، وعليهم بالتالي حسم خيارهم قبل نفاد الوقت.