حين نتذكر كيف كانت الخطط الخمسية المتعاقبة تمثل نمو وتنمية الوطن وكنا ننتظر كل خطة خمسية متتالية بفارغ الصبر لكي نرى مضمونها وواقعها على أرض الوطن.. تابعناها بشغف ووجدنا خيرا كثيرا فكان تحول الوطن خلال عقود بسيطة وبمشاريع ضخمة ومجتمع متجدد ومتطلع، كان تحول كبيرا وملحوظا لكل العالم وعلى كافة الأصعدة. واليوم تحضر الرؤية السعودية للتحول الوطني باتجاه المستقبل لنفع الوطن والمواطن.. رؤية تنطلق من عمق تاريخي عربي إسلامي أصيل، ومن قوة استثمارية ومكانة اقتصادية ضخمة، ومن تأثيرسياسي واسع، ومن موقع جغرافي مميز، ومن تراث ومدخرات ومقومات حيوية، وطبيعية، وبشرية متنوعة وهائلة. كل ذلك وخلال سنة كانت محددات لرؤية عبقرية تدور رحاها على طاولات القيادة الحكيمة وبين أروقة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.. ونسمع عن ملامحها العميقة، وتفاصيلها الدقيقة بكل ارتياح واطمئنان حيث إننا نتحرك نحو الزمن القادم باستراتيجية وخارطة طريق مبنية على محددات زمانية، ومكانية، ورقمية، وجهوية، ومنطلقة من ثوابت دستورنا القويم، وتقاليدنا الكريمة، وقيمنا العليا، وخصوصيتنا المعروفة. رؤية السعودية 2030 نتائجها في عمر الدول ليست ببعيدة فخمسة عشر عاما هي قريبة جدا بإذن الله وننتظرها بكل حب وتفاعل.. ولم تكن الرؤية إلا شاملة ومتعاطية مع كل مجال حيوي في هذا الوطن فإن كانت الركيزة اقتصادية فالتبعات شاملة المجتمع والثقافة والصحة والتعليم والبحث والرفاهية واستغلال الموارد، وتوليد الوظائف، وصناعة الفرص الاستثمارية وغير ذلك. ومؤكد أن الشعب اطّلع على مضمون تلك الرؤية كل بحسب وعيه وإدراكه وميله وحاجته.. وتعرّف على أن تلك الرؤية هي الاتجاه للمستقبل بحسب آليات وحلول ومبادرات تسهم في تنمية الوطن وتعزيز قيمة المواطن، وتلبية احتياجاته المختلفة بإذن الله. لذا كان من أهم المطالب السامية والتي أتت على لسان خادم الحرمين الشريفين وفقه الله ورعاه مشاركة وتفاعل المواطن بما تستوجبه مقتضيات تنفيذ هذه الرؤية، والمساهمة والتعاون فيما يضفي على الوطن مناخا طيبا لتفعيل خطط وبرامج تلك الرؤية. وأجد أنه حتى على المستوى الفردي والمجتمعي وجوب حدوث تحول في التعاطي مع قضايا الوطن بشكل ايجابي، وعطاء غير محدود، وتحول من العشوائية الاجتماعية في أطروحاتنا وسلوكنا إلى سلوك منظم نكرّس من خلاله تعاليم ديننا، وتعزيز هويتنا الوطنية. ونحتاج إلى تحول في طريقة تفكير تجاه أنفسنا، وقدراتنا، وحاجاتنا، ومدخراتنا، وتجاه حاجات الوطن والمواطن والمقيم، وبناء العلاقات الراسخة والنقية فيما بين المكون الوطني.. نحتاج إلى تنازل حقيقي وواقعي عن بعض القناعات البالية التي عطلت حياتنا تجاه ثقافة العمل والوظيفة، وتقبّل الفرص الوظيفية الجديدة، والتفاعل معها وقبولها خصوصا أعمال المجالات المهنية والفنية والتقنية البسيطة والصيانة وغيرها. كما أن هناك منظومة إعلامية تخصنا سواء أكانت رسمية أو تجارية يجب أن نصطف مع مصلحة الوطن ومنفعته ووضع خطاب إعلامي عقلاني يراعي متطلبات تحقيق هذه الرؤية وتأمين الجبهة الإعلامية والذود عنها ببرامج وخطط ومشاريع إعلامية عملية ومتزنة.. ومثل هذه الرؤية لتكون فاعلة وحاضرة أجدها تبنى على 3 مرتكزات مهمة هي أولا: نقطة الانطلاق «من أين سنبدأ وكيف ومتى وما زمن ومكان ذلك».. ثانيا: خط السير «كيف سيكون وما آلياته، أدواته، وسماته، وتفاصيله، حدوده، أبعاده».. ثالثا: نقطة الوصول «وهي النتائج كيف نقيسها، وما جودتها، ومطابقتها مع الرؤية، وما آليات القياس والمعايير». كما أن التساؤل المهم هو«كيف نضمن ونوثق تنفيذ وتطبيق هذه الرؤية» و ما ضمانات ذلك فالمتغيرات كثيرة والمستجدات كثيفة.. وهل ستلتزم كل جهة مسؤولة في تنفيذ هذه الرؤية حتى في حال تغيّر المسؤول الأول فيها من خلال بناء سياسة ومنهجية للجهة «وزارات، مؤسسات عامة، قطاعات مختلفة» سياسة لا تتغير بتغيّر المسؤول ونضمن عدم نسف الجهود السابقة والاستمرار بنفس المنهجية حتى مع متغيرات الأسماء والتعيينات والأوضاع. أتمنى حقا أن يرتبط تنفيذ برامج وخطط هذه الرؤية بالمؤسسات والجهات كسياسة ملزمة لا حياد عنها ولا تغيير فيها ولا اجتهاد ولا تعطيل ولا تتعلق بالأشخاص الذين قد يذهبون ويأتي غيرهم.. هذه الرؤية جزء كبير منها مرتبط بمخرجات التعليم العام والعالي لذا توجّب إعادة هيكلة وتصنيف الكليات وإلغاء واستحداث أقسام متماشية مع متطلبات الوطن ورؤيته. كما استقطاب فروع لجامعات عالمية كبيرة في بلادنا بعد تجربة الابتعاث الذي كلّف الكثير.. أتمنى التوجه إلى إنشاء معاهد مهنية وفنية وتقنية والكترونية ومتخصصة تغيّر نظرتنا الاجتماعية من أمنية الشهادة الجامعية أيا كانت إلى شهادات المهنة والحرف والأعمال المتخصصة. ويبقى القول ان قيادتنا الرشيدة أظهرت جديتها وطموحاتها فعلينا أن نبرز جديتنا وتفاعلنا وأداء دورنا في تنفيذ تلك الرؤية فلنكن حول بعضنا..