ينتمي هؤلاء الأفغان إلى قبائل الهزارة الشيعية، ويتم تجنيدهم من أحياء المهاجرين الفقيرة والمحرومة في إيران، وإرسالهم للانضمام إلى الميليشيات الشيعية متعددة الجنسيات التي تمولها إيران وتحشدها لدعم الرئيس السوري بشار الأسد. وقد فر الكثير من هؤلاء المقاتلين من ساحة المعركة، وانضموا إلى قافلة اللاجئين إلى أوروبا. في مدينة صغيرة في ألمانيا، التقت خدمة «بي بي سي» الإخبارية الفارسية بشاب أفغاني في أوائل العشرينات من عمره. وُلد «أمير» لأبوين لاجئين في أصفهان، إيران، وهو الآن نفسه طالب لجوء في أوروبا. عاش «أمير» كمواطن من الدرجة الثانية في إيران مثله مثل معظم ما يقرب من 3 ملايين أفغاني هناك. قال «أمير» إنه وجد صعوبة شديدة في الحصول على التعليم أو وظيفة نظرًا لعدم امتلاكه وثائق إقامة أو هوية قانونية. وشكّل الخوف من الاعتقال والترحيل واقعًا يوميًا. كان من الصعب عليه التحرك بحرية والحصول على رخصة قيادة أو حتى شراء شريحة لهاتفه الجوال. ولكن في يوم من الأيام، تلقى «أمير» عرضًا غيّر كل شيء في حياته. يقول أمير: «لقد اقترب بعض الأفغان المقربين من الحرس الثوري الإيراني مني ومن زملائي في المسجد. واقترحوا علينا أن نتجه إلى سوريا للمساعدة في الدفاع عن المقدسات الشيعية ضد داعش». «قالوا إننا سنتمكن من الحصول على جوازات سفر، وسنعيش حياة طيبة بعد ذلك. سنكون مثل المواطنين الإيرانيين وسنتمكن من شراء السيارات والمنازل...». ثقوب خلّفها الرصاص تم ضم «أمير» إلى «لواء فاطميون»، وهو وحدة عسكرية كلها من الرجال الأفغان تحت قيادة ضباط الحرس الثوري. كانت فترة التدريب، كما يقول، قصيرة جدًا. واستمرت أسبوعين للتدريب على الحركات التكتيكية والتعامل مع الأسلحة الأساسية. وجرت في سرية تامة. قال أمير: «لقد صادروا كل هواتفنا الجوالة في الليلة التي التحقنا فيها بقاعدة في قرشاك، قرب فارامين في محافظة طهران. وبعد أسبوعين من التدريبات الأساسية، توجهنا إلى المطار في حافلات ذات زجاج داكن اللون». «وعلى الرغم من عدم حملنا لأي جوازات سفر، نُقل المجندون الأفغان مباشرةً إلى سوريا على طائرات خاصة». «اعتنى الحرس الثوري بكل شيء. وعندما وصلنا، شاهدنا الثقوب التي خلفها الرصاص والضرر الناتج عن إحدى القذائف. كنا في ساحة حرب. لا يزال كل ما شاهدته هناك يؤثر في. لا أستطيع النوم، وأشعر بالغضب دون سبب». كان البروفيسور سكوت لوكاس من جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة يتابع عن كثب التدخل الإيراني في سوريا. ونقلت «بي بي سي» عن لوكاس قوله إن أولى الميليشيات الأفغانية وصلت إلى سوريا في عام 2012. «لقد وجد فيلق الحرس الثوري الإيراني أن الجيش السوري لا يمكنه أن ينجح من تلقاء نفسه. فقد كان يعاني من قلة الأفراد في الخطوط الأمامية وكان الرجال يهربون من التجنيد». ولذا، قرر الإيرانيون إنشاء قوات دفاع وطني قوامها 50 ألف جندي للقتال إلى جانب الجيش السوري. ومع نقص المقاتلين الجادّين داخل سوريا، بدأوا البحث في أي مكان آخر، وبدأوا تجنيد الأفغان الإيرانيين والشيعة اللبنانيين والعراقيين والباكستانيين. أشلاء تقول فاريبا ساهرائي، معدة التقرير: أثناء تجولنا في جميع أنحاء أوروبا، التقينا بالعديد من المقاتلين الأفغان السابقين مثل «أمير»، والذين عرضوا علينا قصصًا مشابهةً. في مخيم «موريا» للمهاجرين في جزيرة ليسبوس اليونانية، يصف محارب مراهق يعاني صدمة واضحة كيف تم استغلال مقاتلي لواء «الفاطميون الأفغان» كقوات صدام ضمن الموجة الأولى وكيف تم التخلص منهم بشكل فعال. يتذكر المحارب الصغير قائلًا: «في بعض الأحيان، لم يكن لدينا أي إمدادات ولا ماء ولا خبز. وكنا نعاني الجوع والعطش في وسط الصحراء». «كنا كتيبة مشاة وكان علينا أن نمشي 20-30 كيلو مترا لمواجهة العدو ومحاربتهم». «كنا نستولي على الأرض بتكلفة كبيرة وبعدها نقوم بتسليمها إلى الجنود السوريين، لكنهم يعودون إلى فقدانها مرة أخرى أمام داعش بعد يوم أو يومين». «في إحدى الليالي، حوصرنا في مزرعة، وأطلق جنود داعش علينا قذيفة آر بي جي [قذيفة صاروخية] تجاهنا ورأيت زميلي وهو يتمزق إلى أشلاء أمام عيني. بعد ذلك الحادث، كرهت الحرب وبدأت أخاف منها». «بعد أربع ليال، كنت أتخيل صديقي وأفكر فيما حدث له وأشعر بالخوف في داخلي». القتال القسري في ميناء ميتيليني، تقول معدة التقرير: وجدنا مجموعة أخرى من الشباب الأفغاني. قال جميعهم إنهم مقاتلون سابقون في لواء «فاطميون». وأظهر لنا أحدهم شارته المعدنية وأوراق تسريحه، وشرح كيف أجبروه على القتال بفعالية في سوريا. وأضاف قائلًا: «ساقونا إلى الحرب بالقوة. لم أكن سعيدًا بذلك لكنهم أخبروني إنهم قبضوا علي بدون أوراق هوية، ولذا عليهم ترحيلي إلى أفغانستان أو إرسالي إلى السجن. وانتهى الأمر باحتجازي في معسكر اعتقال أصغر آباد قبل انضمامي للمقاتلين الأفغان في سوريا». ويروي هذا الشخص الأفغاني كيف أنه أمضى 12 شهرًا في سوريا، حيث خدم كسائق دبابة ثم قناص، حيث تنقل في جميع أنحاء البلاد من دمشق إلى تدمر. ولكن عندما عاد في نهاية المطاف إلى إيران، أخلف الحرس الثوري وعده. قال: «أعطوني وثيقة الهوية الخضراء الصغيرة هذه. وهي مجرد إقامة مؤقتة لمدة 30 يومًا. لم أتمكن من الحصول على رخصة قيادة بها، بل لم أستطع حتى شراء شريحة هاتف جوال!». «وعندما اشتكيت، قالوا لي بضرورة العودة مرة أخرى لأداء الواجب. لكنني لم أرغب في العودة للقتال. لذا هربت ووصلت إلى هنا». المتطوعون لا توجد أرقام رسمية بشأن عدد الأفغان الذين أرسلتهم إيران إلى سوريا أو عدد الذين قتلوا هناك. تشير تقديرات حديثة لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان الى أن الحرس الثوري جنّد ما يصل إلى 10 آلاف أفغاني. ونفت وزارة الخارجية الإيرانية إرسال أي أفغاني بصفة رسمية. وتشير الرواية الرسمية الصادرة من طهران إلى أنهم جميعًا من المتطوعين للدفاع عن المقدسات الشيعية بمحض إرادتهم. ولكن تشهد إيران المزيد من الجنازات العسكرية لضحايا «لواء فاطميون» كل أسبوع. ومع استعداد الحكومة السورية لشن هجوم كبير حول حلب في الربيع، يبدو أن مقاتلي الميليشيات الشيعية التي ترعاها إيران سيقاتلون- ويموتون- لصالح الرئيس الأسد في المستقبل القريب. أبلغ الحرس الثوري الإيراني «أمير» أنه يستطيع الحصول على جواز سفر إذا ذهب للقتال في سوريا قال العديد من الأفغان إنهم تعرضوا للتهديد بالترحيل أو السجن إذا لم يتوجهوا إلى سوريا فرّ العديد من اللاجئين الأفغان في إيران من الاضطهاد والنوبات المتكررة من الصراع المسلح حشد الحرس الثوري الإيراني ما يصل إلى 10 آلاف مقاتل أفغاني ذكر المقاتلون الأفغان أن قادتهم الإيرانيين أجبروهم على القيام بعمليات خطيرة أحيانا ما حضر مسؤولون إيرانيون جنازات للمقاتلين الأفغان تزعم إيران أن كل المقاتلين الأفغان متطوعون يريدون الدفاع عن المواقع الشيعية المقدسة في سوريا