لقد صرح ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن نية المملكة تأسيس صندوق الثروة السيادية برأس مال يبلغ حوالي ثمانية تريليونات ريال، وذلك في اللقاء على قناة بلومبيرج الأمريكية Bloomberg. وتعد هذه الخطوة الطموحة إستراتيجية على المدى البعيد لما لها من أهمية في تحقيق عائدات استثمارية تسهم في توازن الدخل الحكومي الذي يدعم الأجيال القادمة. والخطة أن تقوم الحكومة ببيع نسبة 5% من وحدات أرامكو السعودية في سوق الأسهم في القريب العاجل بعد دراسات مستفيضة لتحديد تلك الوحدات والسعر بما يعود على ميزانية الدولة بالمال اللازم لاستثماره في الصندوق السيادي العملاق الذي سيكون أضخم من الصندوق السيادي الياباني والصندوق السيادي الصيني والصندوق السيادي النروجي وصناديق سيادية أخرى. وحسب المعلومات المتوافرة على موقع المعهد الأمريكي للصناديق السيادية فإن الولاياتالمتحدة تمتلك أكبر صندوق سيادي في العالم، حيث تعود ملكيته لمصلحة صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية Social Security. ولقد بلغ رأس مال صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية حوالي 2.8 تريليون دولار، أي تقريبا 10.5 تريليون ريال سعودي، وذلك في شهر يونيو 2015م. وهناك صندوقان سياديان أمريكيان اجمالي الاستثمار فيهما حوالي 726 مليار دولار، أي حوالي 2.7 تريليون ريال سعودي. وتأتي اليابان في المركز الثاني، حيث يمتلك الصندوق الاستثماري لمعاشات التقاعد رأس مال يقدر بحوالي 1.2 تريليون دولار، أي حوالي 4.5 تريليون ريال سعودي. أما صندوق معاشات التقاعد السيادي الحكومي النرويجي فقد أتى في المركز الثالث، حيث بلغ ما يملكه حوالي 873 مليار دولار أمريكي، أي حوالي 3.3 تريليون ريال سعودي. وقد احتل الصندوق السيادي الإماراتي المركز الرابع من حيث حجم استثماره والذي بلغ حوالي 773 مليار دولار، تقريبا 2.9 تريليون ريال سعودي. وتأتي الصين في المركز الخامس من حيث حجم استثمار الصندوق السيادي والذي بلغ 747 مليار دولار، تقريباً 2.8 تريليون ريال سعودي. وتأتي المملكة في المرتبة السادسة من حيث حجم الصندوق السيادي الذي تديره مؤسسة النقد العربي السعودي، حيث بلغ الاستثمار فيه 686 مليار دولار، تقريبا 2.6 تريليون ريال، وذلك قبل عدة سحوبات لتمويل الميزانية. إن طموح المملكة باستراتيجية ناجحة في خطة التحول الوطني لتنويع مصادر الدخل سيجعل الصندوق السيادي الوطني ثاني أكبر الصناديق السيادية على مستوى العالم، حيث تهدف الحكومة إلى تأسيس صندوق عملاق بحوالي 2.1 تريليون دولار، تقريبا 7.9 تريليون ريال سعودي. وأشدد في هذا الخصوص على أهمية اختيار فريق محترف متكامل من الاقتصاديين والماليين والاستراتيجيين والإداريين من ذوي الخبرات والكفاءات العالية السعودية والعالمية، وذلك لتوجيه وإدارة الصندوق بالشكل الصحيح ما يدفعه نحو تحقيق أهدافه التي أسس من أجلها. ومن شأن الصندوق السيادي العملاق العمل على استقرار الاقتصاد السعودي عندما يدار بكفاءة عالية. وبالتأكيد المملكة بحاجة إلى الاستثمار الأمثل للفائض عن حاجتها من دخل النفط لتستطيع مواجهة التذبذب في أسعاره عندما توفر لها استثمارات الصندوق عائدات تساهم في استقرار الاقتصاد السعودي. وخير دليل على حاجة المملكة للصندوق السيادي ما حدث من تراجع في أسعار البترول في بداية ومنتصف الثمانينات من القرن الماضي، وكذلك ما يحدث منذ 2015م حتى الآن ما جعل الحكومة تؤجل تنفيذ بعض المشاريع، بل وإلغاء بعضها لنقص التمويل اللازم نتيجة تراجع الدخل البترولي. وأرى أهمية استثمار الصندوق السيادي العملاق في المملكة وبعض الدول العربية والآسيوية والأوروبية المستقرة سياسياً واقتصاديا. كما اوصي بتراجع تدريجي للاستثمار في الاقتصاد الأمريكي الذي أتوقع له انتكاسات موجعة واقسى مما حدث في 2008-2009م. وأوصي بالتمعن كثيرًا في توصيات الصندوق الدولي فيما يخص الصندوق السيادي السعودي العملاق.