يعرف صندوق النقد الدولي الصناديق السيادية على انها صناديق للاستثمار ذات غرض خاص تملكها الحكومة، وهي تحتفظ بالأصول وتتولى توظيفها وإدارتها لتحقيق اهداف ماليه مستخدمة في ذلك استراتيجية الاستثمار في الأصول المالية الأجنبية. تقول اغلب المصادر ان فكرة انشاء الصناديق السيادية هي فكرة عربية، حيث كانت الكويت اول دولة انشأت صندوقا سياديا كان ذلك في عام 1953م، ثم راجت هذه الفكرة في فترة السبعينات، حيث انشأت سنغافورة وبعدها الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا والإمارات صناديق سيادية لاستثمار الفوائض المالية. اما المملكة العربية السعودية فقد انشأت اول صندوق سيادي في بداية الثمانينات بعد ارتفاع أسعار النفط بأرقام قياسية وزيادة إيرادات الدولة ووجود فائض كبير بالميزانية العامة، وقد كان حجم الصندوق السيادي السعودي 290 مليار دولار. ذكر ذلك جان ارثس في تقرير معلومات حول دور صناديق الثروة السيادية. اما الآن فقد انتشرت ظاهرة الصناديق السيادية حيث ذكرت مؤسسة ستانلي مورغان انه في عام 2008م بلغ عدد الصناديق السيادية حوالي 53 صندوقا، تعود في أغلبها للدول النامية الشرق أوسطية والدول الآسيوية الغنية. حيث إن أسواق هذه الدول لا تستوعب الفوائض المالية الضخمة المتراكمة من ايرادات النفط والخدمات والسلع، وغالبا ما يكون استثمار أموال الصناديق السيادية في السندات الأمريكية وبعدها الأوروبية وذلك على الرغم من قلة عوائدها لكنها قليلة المخاطر لقوة اقتصاديات تلك الدول وتمتعها بالاستقرار السياسي ووضوح الأنظمة المالية . وبالرغم من ذلك فقد تعرضت هذه الصناديق لخسائر كبيرة في أزمة ما يعرف بالرهن العقاري في أمريكا سنة 2008م. فقد خسرت الصناديق الخليجية حوالي 400 مليار دولار في هذه الأزمة حسب ماذكرته مجلة الإكيونومست لكن سرعان ما تعافت هذه الصناديق مع تخطي العالم هذه الأزمة وارتفاع عائدات البترول حيث ذكر تقرير ستانلي مورغان أن حجم الأموال الموجودة في الصناديق السيادية يبلغ حوالى 12 تريليون دولار سنة 2015م. وصنفت مؤسسة (SWF institute) المتخصصة في دراسة الاستثمارات الحكومية والصناديق السيادية ان صندوق التقاعد الحكومي النرويجي صنف كأكبر صندوق سيادي في العالم بموجودات تقدر بحوالي 882 مليار دولار اما صندوق الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) فقد احتل المرتبة الثالثة عالميا بحوالي 757،2 مليار دولار. ويأتي بعد صندوق أبوظبي للاستثمار الذي تقدر موجوداته بحوالي 775 مليار دولار. ومن خلال الأرقام التي ذكرت يتضح أهمية دور الصناديق السيادية لأنها تمثل احتياطيا ماليا قويا في حالة تعرض موارد الدولة المالكة للصندوق لانخفاضات حادة مثل ما يحدث الآن لدول الخليج بسبب انخفاض أسعار البترول، كما أن هذه الصناديق تشكل ضمانا للأجيال القادمة في حالة استمرارية نموها، كما انها تعتبر مصدرا مهما لتوزيع الدخل وتقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية وهي تساهم كذلك في زيادة التكامل الاقتصادي العالمي، كما توجد أهمية وثقل سياسي للدول المالكة للصناديق السيادية وتحافظ على استقرار اقتصادها والمحافظة على سعر صرف عملتها المحلية. اما بالنسبة للدول التي تستثمر فيها الأموال فقد ساهمت هذه الصناديق السيادية في إنقاذ كثير من الشركات والبنوك من الانهيار والإفلاس. كما حافظت على أسعار العقارات في تلك الدول بفضل الأموال الضخمة التي ضخت في تلك الأسواق كما حدث في الأسواق الأمريكية والأوروبية سنة 2008م. ولك أن تعلم أن حجم أموال صندوق النقد الدولي الذي يقدم القروض لجميع دول العالم التي تتعرض الى أزمات اقتصادية لا يتعدى 250مليار دولار مقارنة ب15 تريليون دولار للصناديق السيادية. ومع ذلك تواجه هذه الصناديق عدة مشاكل اقتصادية حيث تتسم غالبية هذه الصناديق بعدم الشفافية وعدم وجود تقارير سنوية منشورة عن نشاطها وعوائدها الاستثمارية ومعدل نموها وتوزيع استثماراتها. كما أن هذه الأموال غالبا ما تكون مرتبطة باستثمار سندات وعقارات طويلة الأجل يصعب تسييلها في حالة الطلبات العاجلة لأي ظرف ولهذا تلجأ بعض الدول التي تمتلك صناديق سيادية ضخمة الى الإقتراض بدلا عن السحب من هذه الصناديق . وقد يكون ذلك بسبب أن العائد على الاستثمار أكبر من خدمة الدين المطلوب أو لعدم وجود السيولة المطلوبة في هذا الصندوق، لكن يبقى الاستثمار في الصناديق السيادية لم يستغل بالشكل الذي يجعله مصدر دخل ثابت تعتمد عليه دول الخليج في إعداد ميزانياتها وسد العجز في حالة انخفاض إيرادات الدولة.