تلفت يميناً ويساراً لا تجد إلا بقايا دول عربية فالسودان لم يعد كاملاً، وليبيا وتونس والعراق وسوريا ولبنان تحكي الأمرين، تلتفت فتجد أن دور العبادة والعلم قد استهدفت في كل هذه الدول رغم المساعدات المالية التي ضخها الخليج منذ بداية السعير العربي والتي لم تفلح في إعادة الاستقرار الضائع. سعير لم يأتِ بجديد، وحلم للديمقراطية تحول لكابوس يرمي بشرر أحرق الداخل والخارج. ولنحافظ على هذه الدول كان لزاماً أن تقف المملكة العربية السعودية مع مصر عسكرياً وسياسياً واقتصادياً في أزماتها السابقة والمستقبلية ان لزم الأمر. وقد اصطف بعض المحللين في محاولات رخيصة لانتقاص ما تقدمه المملكة كدولة خليجية رائدة بأنه شراء لولاء مصر، والحقيقة أن العلاقة السعودية المصرية هي علاقة ضاربة في عمق تاريخ الدولتين وللفضل باب مشترك. ناهيك أن مصر بوابة أفريقيا ورهان مقاومة الدول العربية لموجة التطرف والغلو والتخريب الخارجي، فإن صمدت مصر صمدت العروبة. إن للدولتين السعودية ومصر ثقلا عالميا ودينيا وتاريخيا من التبادل المعرفي والعلمي في كل حقول المعرفة منذ نشأة الدولة السعودية، ومن جامعاتها العريقة كجامعة القاهرة وجامعة عين شمس والأزهر انتقلت الكوادر العلمية لجامعاتنا ومؤسساتنا ومدارسنا وما زال التعاون في التعليم العالي قائماً ومستمراً. إن لهذه الزيارة والتي شملت انشاء صندوق سعودي مصري ب60 مليارا، ونقطة للتجارة الحرة في سيناء، واتفاقيات عدة منها التعاون في مجال الاسكان والتفاهم مع شركة ارامكو والشركة العربية لأنابيب البترول، وتأسيس شركة جسور المحبة لتنمية قناة السويس، وإنشاء 13 تجمعاً زراعيا، وأخيراً جسر مشترك بين الدولتين هو أمر يقرؤه محدودو النظر بأنه دعم لاستقرار مصر فقط وهو كذلك. لكنهم للأسف عجزوا عن قراءة أمور أخرى أن هذا الجسر هو جسور لتدعيم الاقتصاد والأمن السعودي ولبداية مدن اقتصادية وفرص وظيفية للكثير من شبابنا في المناطق الحدودية والشركات التجارية. وفوائد أخرى ومنها أن انشاء الجسر هو انهاء لترسيم الحدود بين البلدين بموافقة البرلمان ومجلس الوزراء المصري بعد 11جولة من الاجتماعات باستخدام احدث الأساليب العلمية، والتي بناء عليها جاء الإقرار بتبعية جزيرتي صنافير وتيران واللتين تقعان ضمن المياة الاقليمية للسعودية، وكانتا حسب الوثائق التاريخية تحت الحماية المصرية لضعف الاسطول البحري السعودي في الخمسينات والستينات الميلادية. وتيران هي نقطة قديمة للتجارة بين الهند وشرق آسيا، وبين الجزيرتين ثلاث طرق ملاحية إلى خليج العقبة، وهنا نتحدث عن بداية للتجارة البحرية المشتركة مع مصر والأردن وليكن بين افريقيا وآسيا، وبداية للتبادل التجاري الحر بين قارتين والذي سيكون له أثره في تنوع خيارات المستهلكين لدينا ولبقية الدول وضخ ملايين التجارة البحرية كمصدر مالي جديد للدولة بعبقرية سعودية فذة. أما مشروع انشاء المجمعات الزراعية في شبه جزيرة سيناء والمدعوم بالجسر البحري والمدينة الحرة فله فوائد اقتصادية مهولة، ونحن لسنا بحاجة لشرح احتياجنا الزراعي وحاجتنا لتقنين الهدر المائي باعتبار هذه المجمعات الزراعية إحدى أولويات استراتيجيات الأمن الغذائي السعودي داخل وخارج المملكة. الأزهر أحد منابر العالم الإسلامي، ودعم استمراريته هو دعم لرسالتنا الوسط في الاعتدال والتسامح وتبني دعم استمرارية المؤسسات الدينية التي تحظى بثقة العالمين الاسلامي والخارجي. وقوفنا مع مصر لا يتعارض مع بناء مستقبل كلا الدولتين، فلنتجاوز التفكير الرخيص والمشبوه والذي يحاول انتقاص منجزاتنا وعبقريتنا ولنحتفل بسعودية العرب والمسلمين والعالم.