قابلته منذ سنين، وجاءت بعدها سنون لم تكن فيها الفصول مرتبة كما هو مرسوم لها فلكيا، ظن أن غبار السنين أنساها إياه، لم يع أن أمطار تلك السنين المتغيرة في زخاتها وشدة برقها قد أحيته وأنبتته داخلها قويا بعد أن شارف على الرحيل والسكن بعيدا عن الضوء والهواء؛ جذوره في تربة قلبها تتمدد وتنغرس عميقا كلما طال به الزمن وهو بعيد..! حينما سقطت تلك البلحة صدفة في حجره الممزق من ثياب بالية وقديمة، وهو تحت ضوء تسلل إليه من بين ثقوب جدار قوي متماسكة صخوره، انتشرت رائحة من تلك البلحة وعمت المكان حينها انتبه وكأنه صحا من غفوة.. فجأة تدلت ثمار أخرى غير طرية من أغصان شجرة ليست عالية، لكنها فوق قمة جبل قريبة من تلك النخلة الباسقة، ورغم أن الماء كان مالحا فوق ذلك الجبل القريب من القرية الذي كان يعيش فوق قمته وينظر بعينه الواحدة إلى أطراف المدينة.. تغرد البلابل وترسل الشمس خيوط أشعتها، تصحو (منى) من النوم وملاءة سريرها مصبوغة بالدماء.!!