مفارقة عجيبة بأن لا يخلو شارع من شوارع مدننا من مستوصف أهلي لطب الأسنان، بينما نسمع عن أطباء سعوديين مختصين في طب الأسنان لهم سنوات يبحثون عن عمل! وأيضا تجد أغلب العاملين في هذا المجال في المستشفيات الحكومية هم من الأجانب. طبيب أسنان سعودي لم يجد عملا، فتقدم على وظيفة معقب في إحدى الشركات، ولكن مدير التوظيف منعه من ذلك؛ لأنه يحترم مهنة الطب، ورأى أنه لا يمكن إقحام الطبيب في تخصص لا يناسب مجاله! هناك من يقول إن الكثير من شبابنا لا يعرفون كيف يسوقون لأنفسهم، وينتظرون الوظيفة تأتي إليهم، وتكون قريبا من سكنهم.. لذلك الكثير من المستشفيات في القرى والهجر تخلو من أطباء الأسنان.. ويقال إن البعض من مستوصفات الأسنان تقوم بتأجير الكراسي على الأطباء الأجانب، بحيث يكون للطبيب نسبة على عمله.. فلماذا لا تنشأ مستوصفات مدعومة يعمل فيها مجموعة من الأطباء حديثي التخرج، ويكون ذلك تحت إشراف خبرات متخصصة! أن نقرأ ونسمع عن أطباء أسنان سعوديين لا يجدون عملا في بلادهم، بالرغم من الحاجة وكثرة أصحاب التخصص من الأجانب في مستشفياتنا وعياداتنا المنتشرة؛ فذلك يعطي انطباعا مباشرا بعدم الثقة في أبناء الوطن، بينما الحقائق تثبت لنا أن السعوديين من دارسي الطب خارج البلاد في هذا المجال وغيره حققوا براءات اختراع عالمية مميزة في تخصصاتهم! الكثير من التخصصات التي نحتاجها في بلادنا، يكون شرط الخبرة هو العائق الذي يواجه أبناءنا حديثي التخرج، بينما الكثير ممن يزاولونها من الأجانب يأتون للتطبيق وكسب الخبرة في واقعنا.. ولأن القضية متفرعة بين وزارة الصحة ووزارة العمل وديوان الخدمة والتعليم العالي وكأنها لا تعني جهة معينة؛ لذلك تبقى الحلول معلقة! الشباب سواء كانوا أطباء أو مهندسين أو غيرهم ممن يحملون التخصصات المطلوبة أو ممن لديهم بوادر التميز والإبداع، هم بحاجة إلى الاحترام والتقدير والدعم والتشجيع، ولن يكون ذلك ما لم نبتعد عن البيروقراطية المعيقة.. وأن نفكر بطرق مبتكرة ومختلفة عن المتوارث المتبع، وأن نجعل الثقة هي ما يعني الدعم والمتابعة والمحاسبة، وأن نؤمن بأن شبابنا من الجنسين هم المورد البشري الذي هو الأساس لكل موارد الوطن.