غابت المناداة عن أسماك الغزلان، المليطا، اللقس، والجامبري، والكلماري والسردين والدنيس، في صوت دلال الأسماك الذي صدح بخجل في حسبة السمك الرئيسية في قطاع غزة، والمجاورة لمينائها البحري، أثناء تدليه على الأسماك القليلة التي تمكن الصيادون الفلسطينيون من صيدها، بعدما أمضوا ليلة كاملة بالصيد في مساحة تسعة أميال بحرية لم تخل من إطلاق النار نحوهم من قبل الزوارق الحربية الإسرائيلية، رغم أن إسرائيل سمحت لهم بالإبحار لتلك المسافة، وفقاً لاتفاق مع السلطة الفلسطينية. ويقول مسؤول لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي الصياد زكريا بكر: إن:" التهويل بحجم اتفاق التسعة ميل يصب في صالح الاحتلال، ويجمل وجهها القبيح"، مضيفاً خلال حديثه مع "اليوم": "على مدار سنوات من الحصار العشر مارست البحرية الإسرائيلية كل أنواع الانتهاكات والقتل بحق الصيادين، لا يعقل أن يكافأ الصيادين بتسعة أميال"، متابعاً :" الاتفاق كارثة". وانتقد بكر الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي الذي أعلنت عنه الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية، الذي سمح بموجبه للصيادين بصيد لمساحة تسعة أميال، بدلاً من ستة، مؤكداً على حقهم كفلسطينيين بالوصول إلى أي منطقة على ساحل القطاع، وفقاً لنص اتفاقية أوسلو على الأقل، والتي اعتبرها ظلما لشعب الفلسطيني، معتبراً الاتفاق يمنح الشرعية لسلطات الاحتلال بممارسة الانتهاكات بحق الصيادين. وتحدد اتفاقات أوسلو للسلام التي وقعت عام 1993 منطقة الصيد للفلسطينيين بعشرين ميلا بحريا. لكن مساحة هذه المنطقة تفاوتت خلال الوقت. وقد قلصت إلى ثلاثة أميال عام 2014 ثم أصبحت ستة أميال بعد حرب يوليو 2014. وأوضح بكر أن سلطات الاحتلال استغلت الاتفاق وقسمت ساحل القطاع لقسمين الأول مسموح فيه الصيد لمساحة تسعة أميال، ويمتد من منطقة وادي غزة وسط القطاع وصولا لرفح جنوبه، مؤكداً أن إسرائيل لم تلتزم بالاتفاق وأطلقت النار على من تجاوز من الصيادين الثمانية أميال، أما القسم الثاني فهو غير مسموح فيه الصيد ويمتد من وادي غزة حتى شمال القطاع، قائلاً:" هذا القسم هو الذي تتواجد فيه الأسماك". وأوضح أن حوالى أربعة آلاف عائلة تعتمد على صيد السمك بالقطاع، كمصدر للدخل، مبيناً أن السماح بالصيد لتسعة أميال لا يلبي أدنى احتياجات الصيادين، مؤكداً أن الانتاج السمكي ليوم الأحد، يؤكد صحة ما نتحدث فيه. وقال :" 90% من الصيادين عادوا بخيبة أمل وبدون أن الحصول على التكاليف التي صرفت للإبحار". وأكد مسؤول لجان الصيادين أن الاتفاق لم يؤكد على تأمين أهم ما يحتاجه الصيادون خلال ممارستهم عملهم. وقال : "لا يوجد في الاتفاق مؤكد أن الصياد الفلسطيني لن يتعرض للقتل على يد جنود البحرية الإسرائيلية". وبدوره، يقول الصياد شعبان أبو عميرة ل"اليوم": "لم أتمكن من الوصول إلى مسافة التسعة أميال لأني تعرضت لهجوم من الزوارق الإسرائيلية، وأجبروني على الصيد في مساحة ستة أميال، وتكبدت خسائر كبيرة، مضيفاً :"شقيقي تمكن الوصول لتسعة أميال وتكبد خسائر أكبر مني". وأشار إلى أن القسم الذي منع الاحتلال الصيد فيه، هو القسم الذي تتواجد فيه الأسماك، قائلاً:" الاحتلال ظهر أمام العالم أنه فتح مجال الصيد أمامنا والإعلام روج لذلك، لكن الحقيقة أنه أوجد طريقة جديدة تكبدنا الخسائر"، متابعاً:" مشهد الصيادين خلال الإبحار اتجاه التسعة أميال روجته إسرائيل لصالحها، موضحاً أن الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي لا يخدم الصياد الفلسطيني". وبين أبو عميرة أنه لا يثق بأي اتفاق مع إسرائيل، وقال:" بعد الحرب على غزة صيف عام 2014، قالوا إن المقاومة اتفقت مع إسرائيل برعاية مصرية، بالسماح لنا بالصيد لمسافة ستة أميال تتوسع إلى تسعة أميال خلال أسبوعين، فيما تصل إلى 12 ميلا بعد شهر من الاتفاق"، مضيفاً:" مر أكثر من عام ونصف على الاتفاق ولم نتبحر خلال الفترة السابقة إلا لمسافة ثلاثة أميال وتعرضنا إلى الاعتداءات من قبل الزوارق العسكرية. وبدوره، طالب مفلح أبو ريالة عضو نقابة الصيادين الفلسطينيين، المجتمع الدولي بالتدخل بالضغط على إسرائيل من أجل إلزامها بالقوانين الدولية، معتبراً أن تقسيم إسرائيل لساحل القطاع جريمة، يجب أن تحاسب عليها. وأوضح مفلح ل"اليوم" أن البحرية الإسرائيلية تستهدف الصيادين هذا الفترة تحديداً لضرب موسم السردين الذي يعتمد الصيادون بشكل أساسي عليه، قائلاً:" أي صيد يريد أن يبني أو يزوج أحد أبنائه ينتظر موسم السردين لأنه موسم صيد وفير وفيه رزق".