المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    "التجارة" تكشف مستودعًا يزور بلد المنشأ للبطانيات ويغش في أوزانها وتضبط 33 ألف قطعة مغشوشة    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    السعودية وكأس العالم    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العزاب السعوديون.. ضحية نظرة سائدة
العزاب .. الملف الوطني التائه«6»
نشر في اليوم يوم 27 - 03 - 2016

تظل مشكلة سكن العزاب داخل الأحياء التي تشكل العائلات غالبية قاطنيها هاجسا مقلقا لأرباب الاسر، خاصة حينما يكون المبنى الذي يسكن به العزاب كاشفا لأجزاء من المنزل أو مداخله الرئيسية، ويزداد قلق الأسر حين يغيب ربها، ومصدر القلق هذا هو تجمهر العزاب في الشوارع أمام المساكن والمرافق، كما أن البعض يبدر منه تصرفات مزعجة ويكون وجودهم مدعاة لممارسات غير محبذة، ومع مرور الوقت تزداد نسب الشكاوى على وجودهم في هذه المواقع خاصة من الأسر التي لا تجد الخيار المتاح بالانتقال إلى حي آخر.
ثمة سؤال يتعلق بكل ذلك، هل دائما هذه الرؤية صحيحة بنسبة 100%؟ ولماذا العزاب دوما موضع اتهام؟ وهل تجد العائلات نفسها دوما على حق فيما يخص مختلف جوانب هذه الظاهرة؟
يقول ل «اليوم» عبدالرحمن الثميري مدير فرع مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات بالمنطقة الشرقية، ضمن الملف الشهري الخامس عشر «العزاب.. الملف الوطني التائه!»، خلال ندوة جرت في ديوانية الثميري: هناك نوعان من العزاب النوع الأول هم فئة «المظلومين»، والنوع الثاني هم فئة «المزعجين».
ويضيف الثميري: بالنسبة لي وحين يتعلق الأمر بسكن العزاب وسط أحياء غالبية سكانها من العائلات، فإن الغالبية من فئة (المظلومين) هم من السعوديين، وحين استخدم مصطلح مظلومين، أقصد من ناحية النظرة العامة من المجتمع تجاه هذه النوعية من الجيران، كونهم فئة تمثل أبناءنا وغالبيتهم على قدر من الالتزام الديني والأخلاقي، وبالأصل هم غير مغتربين، ولكنهم مضطرون للسكن بمفردهم لأنهم قاموا بالانتقال من منطقتهم الاصلية لغرض الدراسة أو العمل.
وتابع: غالبية هذه الفئة لا يقبل السكن في المواقع التي يعتبر انها قد خصصت للعزاب، لانهم يتوقعون في كثير من الحالات زيارة عائلاتهم بين الحين والآخر، وبالتالي ينظرون لواقع سكن العزاب بعدم صلاحيتها من ناحية السلامة والنظافة العامة وأيضا الخصوصية وعوامل أخرى تؤدي لعدم مناسبتها للسكن سواء من السعوديين أو غيرهم.
وأبان: الظروف الاقتصادية للعمالة الوافدة تجعل مساكن العزاب مقبولة بالنسبة لهم، خاصة فئة العمالة البسيطة التي لا تسمح ظروفها المادية بتوفير خيار آخر يكون أكثر ملاءمة للعيش، فتجدها تتمركز في هذه المواقع التي صنفت كسكن للعزاب رغم معاناتها من الحالة غير الصحية وبعدها عن الخدمات الضرورية. أما المواطن السعودي بهذه الحالة فتجده يبحث عن خيارات تكون أكثر ملاءمة للعيش تتوافر بها اشتراطات النظافة والسلامة والراحة، بالإضافة لكونها قريبة من الخدمات الحيوية التي يحتاجها باستمرار، في ظل عدم وجود اسرة توفر له الخيارات البديلة، ولهذا السبب نجدهم يتوجهون في البحث عن الخيارات المتوفرة في الأحياء التي تقطنها العائلات كون الخدمات كافة متوافرة.
ولفت إلى أنهم لا يجدون القبول سواء من ملاك العقارات الذين يعتذرون منهم في الغالب؛ نتيجة الفكرة السائدة بأنهم فئة غير مستقرة، وبالتالي لا تشكل لهم خيار دخل آمن أو لردود الأفعال غير المرحبة من قبل الاسر المستأجرة في ذات المساحة. وفي حال وجد بعض العزاب موافقة احد ملاك العقار على إعطائهم مقرا للإقامة مراعاة لظروفهم وثقة منهم بأنهم أبناء البلد، فلن يكون هذا حال الاسر التي تسكن تلك الاحياء، فتبادر بإشعار الجيران العزاب بعدم ارتياحهم من تواجدهم بالقرب منهم؛ كونهم امرا غير مقبول من وجهة نظرهم، ويتعارض مع خصوصية العائلات، ويخشى ان يترتب عليه امور تجلب الازعاج مستقبلا. والمثال الآخر عن العمالة التي تقبل السكن في اماكن غير مهيأة كغرف فوق السطوح او عمائر ومساكن قديمة.
ويضيف عبدالرحمن الثميري: أعتقد أن البلدية يفترض أن تقوم بتخصيص أجزاء من الأحياء والمخططات للعزاب، بحيث تكون مجهزة بشكل كامل لتوفير اشتراطات الراحة والسلامة والانسجام، مع مراعاة ان تكون مستقلة في موقعها وخدماتها عن المساحات التي تسكن بها الأسر، وبهذا يكون الأمر أكثر وضوحا وملاءمة للمستأجر خاصة في ظل الواقع الراهن.
وزاد: في الوضع الراهن هناك قوانين واضحة بما يتعلق ببناء سكن العائلات، حيث توفر البلدية اشتراطات محددة بغرض الموافقة على اصدار تراخيص بناء للعقاريين بمواصفات سكن يلائم اشتراطات السلامة والراحة المنشودة، ولكن يجدها ملاك العقار فائضة عن الحاجة، فتكون خيار سكن يناسب العزاب، ولنأخذ حي الثقبة مثالا، حيث يقوم بعض العقاريين ببناء المسكن بما يتناسب مع اشتراطات البلدية وليحصل على الترخيص، ولكن بعد ذلك يكتشف انه يفقد الكثير من خيارات المستأجرين الذين يبحثون في الغالب في هذه المنطقة؛ كون أسعار الايجار بها لا تزال في معدل ثابت مقارنة بالأحياء الجديدة التي ترتفع بها اسعار الايجار، ولكن وضع بنائها الراهن يجعلها خيارا مبالغا فيه من وجهة نظر الشريحة الأكبر التي تقبل على الاستئجار في الثقبة، مما يجعل العقاريين يلجؤون إلى تعديل مواصفات البناء، وإضافة غرف وإلغاء ممرات، وذلك لتوسيع فرص العثور على مستأجر مناسب، خاصة أن فئة العزاب السعوديين وأيضا الاجانب المقتدرين العزاب يجدونها خيارا مناسبا لتوافر كافة الخدمات التي يحتاجونها في ذلك الحي.
وعما إذا كانت الثقبة خيارا وسطا للعمالة البسيطة، أجاب الثميري: هذا صحيح ولكن ليس بالمجمل، فهناك خيارات البناء الحديث التي غالبا ما يكون سكانها يعملون في شركة معينة تسدد عنهم الإيجار، وهناك خيارات السكن بالأماكن غير اللائقة من البيوت والعمائر القديمة التي تشهد تكدسا وعدم مراعاة لاشتراطات النظافة والسلامة، ويبدر منها الازعاج الصادر عن تجمع هذه الفئة من السكان بأعداد كبيرة، بل كانت سببا في انتقال اغلب سكان حي الثقبة القدامى بحثا عن الهدوء والخصوصية.
ويقول العميد متقاعد عبدالعزيز الثميري: أود التأكيد على أهمية السماح للعزاب بالسكن في احياء العائلات، وانه سيكون ادعى للانضباط وتقويم السلوك من فئة العزاب السعوديين بشكل خاص؛ نظرا لانسجام الضوابط الدينية والاخلاقية دون تقصير في حق العزاب من فئة العمالة، بيد ان الروابط الثقافية والاجتماعية لها دورها في هذه المسألة.
وقال: إنه يؤيد سكن العزاب بجوار العائلات، مبينا: نحن غالبا ندافع في طرحنا لمسألة سكن العزاب عن العائلات دون ان نلتفت إلى الجانب الآخر الذي يعاني بطبيعة الحال من شعوره انه عنصر غير مرغوب به، سواء من قبل الجيران او ملاك العقار، بل يتم في بعض الحالات التضييق عليهم، وهو ما اجده امرا لا يتناسب مع واقع مجتمعنا الذي ينعم ولله الحمد بالأمن والأمان، والعنصر المشترك في مختلف شرائحه قائم على الالتزام والتمسك بالقيم والعادات والتقاليد المحمودة، وهو ما يفترض ان ينعكس على تعاملنا مع فئة العزاب، فإذا أدت الظروف الى ان يسكن العزاب منطقة العائلات فإنه يجد من قبلهم كل الترحيب، وان يعتبر انه «منضبط بالأساس» ما لم يبدر منه أي امر منكر، بل على العكس من ذلك سيكون هذا الامر ادعى الى حرصه على التمسك بالاخلاق الحميدة وانخراطه في بيئة ايجابية تحقق الامن الفكري والاخلاقي للفرد، بينما ان لجأنا إلى قاعدة العزل ففي مجتمعات العزاب تتوافر بيئة خصبة تسهل ان تتحول هذه الاماكن السكنية إلى بؤرة فاسدة قد يمتد تأثيرها، وذلك نتيجة ابتعاد الرقابة الاجتماعية التي لا تجدها إلا وسط احياء اغلب قاطنيها من العائلات.
ويشترك يوسف الثميري وهو احد سكان حي الدوحة في هذه الرؤية، قائلا: بالرغم من كوني أمثل فئة العائلات بحكم اني رب أسرة، لكني أجد أن خيار سكن العزاب وسط الأحياء التي يسكنها العائلات هو امر مقبول، بشرط ان تتوفر قوانين واضحة لأجل هذه المسألة بالتحديد، بحيث تكون صارمة بحق المستأجر العازب الذي يعتزم السكن في حي مخصص للعوائل تضمن التزامه بكافة الضوابط الاخلاقية والاجتماعية، والبعد عن أي مظاهر من شأنها ان تشكل مصدر قلق للعوائل، وكذلك بحق المكاتب التي ستوفر لهم خيارات الاستئجار، فذلك افضل من رفض الفكرة بالمجمل او السكوت عنها، حتى تحصل مشكلة يترتب عليها امر يزعج جميع الاطراف المعنية.
وفي إجابة على التساؤل ذاته، يضيف المهندس محمد الشملان: ان العقاريين من وجهة نظره يفكرون بمسألة الربح أكثر من أي شيء آخر، وذلك يتجسد فيما نشاهده من توفير السكن الذي قد لا يصلح للعيش حتى لأبسط فئات المجتمع، سواء ابناء المملكة او المغتربين، بل ان بعض الاماكن غير مناسبة للسكن الانساني، فتفتقر للنظافة وابسط وسائل السلامة وحالة بعضها قديمة وخطرة، وهذا يدفعنا للتساؤل: اين الرقابة؟ اين دور البلديات وغيرها من الجهات المعنية بالوقوف على انواع وحالات المساكن والاطمئنان على صلاحيتها؟
ويضيف الشملان: جميعنا يعلم بأن الاغلبية في مجتمعنا ترفض فكرة وجود جيران عزاب في احياء تسكنها العائلات، ولكن هذا الامر وإن رأوا ان له مبرراته، فلا يفترض ان يكون قاعدة جامدة دون التفكير في معالجة ابعادها ولو على المدى البعيد، ولعلي أضرب مثالا بتجربة فئة ذوي الاحتياجات الخاصة مع ادارة التعليم، فبعد ان تم إفرادهم بمواقع مخصصة لوحظ مع الوقت ان هذا الاجراء ادى الى الحد من فرص تطورهم وابداعهم، ولكن بعد ان تم استدراك هذا الامر ودمجهم مجددا كانت النتيجة تحسنا ملحوظا في ادائهم وابداعهم وكان ذلك محفزا لانخراطهم في المجتمع.
ويقول الشملان: المتزوجون غالبا هم اقل احداثا للمشاكل من العزاب، وهي قاعدة ثابتة حول العالم، ففي نفس الوقت الذي لا يجد المتزوج رغبة في المغامرة في أي امر، يكون الأعزب اكثر تهورا في تصرفاته. ولو عدنا إلى القاعدة الاساسية في العلاقة المكونة للأسرة بين الرجل وزوجته، تجد ان التكافؤ سواء الديني او الفكري او الاجتماعي وغير ذلك من التوافقات والقواسم المشتركة ونقاط الالتقاء هي الأساس لكي تستمر هذه العلاقة بسلام، فكيف سيكون الامر بينك وبين انسان غريب عنك، وان كان من نفس جنسيتك، ناهيك عن آخر من جنسية مختلفة، وقد يكون من ديانة مختلفة، وبالتالي عادات وتقاليد وأفكار مختلفة تماما عنك، فهذا أدعى أن تجد صعوبة في ايجاد التوافق بين الطرفين، وأعني العائلات والعزاب، ولا اقول هذا من باب تعصب للرأي، بل من واقع تجربة حيث إنني عشت لسنوات في الخارج بحكم الدراسة والعمل تنقلت فيها بين عدة دول، وكان ذلك ادعى لتعزيز قناعتي بتلك القاعدة، وهي ان العائلات من باب اولى ان يسكنوا في مواقع منعزلة عن العزاب، ومتى ما تم كسر هذه القاعدة تبدأ المشاكل بالظهور، وهي تتفاوت مع تفاوت المكان والزمان.
ويضيف الشملان: لعل المسألة تحتاج الى تمعّن وتوسّع اكبر في مراحلها الحالية لإيجاد الحلول المناسبة، خاصة أننا قد نجد انفسنا واستنادا لعوامل كثيرة نتوافق مع حلول مطروحة، وإن لم نتفق معها في الوقت الراهن الذي لا يزال فيه رفض الفكرة بالمجمل هو القاعدة الاساسية، ولكن بالإمكان قبول بعض المتغيرات في سبيل الوصول الى حلول متقاربة، مثل ان نطرح فكرة تواجدهم بذات الحي بشكل محدد، وهنا اقصد (نظام البلوكات الذي اجده الحل الأقرب للواقع)، بينما لا يمكن القبول بأن يسكن العازب بعمارة عوائل مثلا، وذلك مراعاة للعوامل الثقافية والأمنية وغيرها.
من جهته، يقول المهندس ابراهيم «مصري مقيم بالمملكة»: اجد ان الفصل بين سكن العائلات وسكن العزاب هو الخيار الأقرب للصواب، ولعلي أتكلم عن تجربة سكني حين كنت في مصر تحديدا في مدينة نصر حين بلغت نسبة العمائر التي تسمح بسكن العزاب بجوار العائلات80% تقريبا، وانعكس ذلك على كمية الازعاج الذي تعاني منه العائلات جراء هذا الأمر، خاصة في اوقات تواجد رب الاسرة في العمل أو انتداب لعدة ايام، وهو ما يؤكد رأي الاخ الشملان لحد كبير فيما يتعلق بشمولية هذه القاعدة وعدم ارتباطها بالمنطقة او البلد، عطفا على عوامل مشتركة بين اخلاق وقناعات البشر مهما كانت ثقافتهم وبيئتهم، وعليه حرصت على ان اقيم في مكان مخصص للعوائل حتى عند قدومي الى المملكة؛ بهدف ضمان اجواء اكثر راحة لأسرتي، وهو ما وجدته محل تأييد من بقية الجيران وملاك العقارات.
ويقول عبد الله خالد: أنا مع الرأي الذي يهدف لإنصاف العازب خاصة اذا كان من أهل البلد، ولعلي استشهد بقصة قريب لي حيث استأجرت له اسرته شقة في عمارة مخصصة للعوائل في مدينة الرياض، وكانت والدته تقيم معه معظم الوقت، ولكنها بالمقابل تذهب في الاجازات وبشكل دوري إلى الشرقية، وهو الأمر الذي انكره عليه احد الجيران، وانه بهذه الحالة لا يعتبر عائلة؛ لأنه يبقى عازبا اغلب الوقت؛ كون ان اهله غير متواجدين معه على مدار العام، وهو الامر الذي لم يقبله قريبي واعتبره عدم مراعاة لظروف الآخرين وتدخلا في شؤونهم الخاصة، وكانت النتيجة انه عانى من بعض التصرفات المؤذية من أبناء ذلك الجار؛ مما حمله على الانتقال من العمارة بعد ان زاد الامر عن حده، خاصة بعد ان أيّد صاحب العمارة رأي الجار.
من جانبه، يقول عبدالله عبدالعزيز: خلال اقامتي منذ اعوام في حي الدوحة لم اشهد أي مظهر يوجب انكاره من الجيران العزاب، بل ان لي تجربة شخصية في هذا الموضوع، فبالرغم من انني حاليا لا أزال اقيم مع اسرتي، لكنني امثل الطرف العازب في هذه القصة، حين انتقلت في احدى الفترات ولظروف العمل الى مدينة الرياض وهناك لم اجد خيارا مناسبا إلا في حي مخصص للعوائل، وكنت حريصا في كل تصرفاتي على عدم مضايقة الجيران، بل كان من النادر ان يراني احد في الحي، حيث ان اغلب وقتي كان في العمل او زيارة اقارب واصدقاء في المساء، فلم يكن الجيران في الحي يرونني إلا في اوقات الذهاب والعودة من الدوام او في المسجد، ورغم ذلك تفاجأت بأحد الجيران وقد شكاني طالبا ان اغادر الحي؛ لأنه تأكد انني عازب، وهذا يجعلني أؤكد على ان النظرة الشاملة إلى العازب بالسوء غير سليمة، وان الناس يختلفون عطفا على اختلاف البيئة والمنشأ والعادات والتقاليد، ولكن هذا الامر قد يصعب ان يجد صوتنا اثره في الوقت الراهن وسط شمولية النظرة السلبية عن العزاب.
في السياق ذاته، يقول حمد المنيع وهو موظف حكومي متقاعد من سكان حي الثقبة القدامى: لم يكن لدي نية للانتقال من الحي الذي نشأت فيه وأحببته، ولكن ظرفه الراهن وتحول الحي الى مساكن غير مرتبة للعزاب كان دافعا وراء انتقالي الى حي الدوحة، وللأسف بدأت ألاحظ أيضا أن ظاهرة سكن العزاب بدأت تنتشر فيه خاصة المناطق القريبة من الشارع التجاري، وهذا الامر يجعلنا نعود إلى رؤية العائلات تتنقل وتترك الحي القديم ليُستغل بشكل تدريجي من قبل الشركات التي تبحث عن مساكن للعزاب، لتحوله لاقامة لعمالتها وهذا ليس بالحل العملي، بل يؤدي الى تفاقم المشكلة، ويفرض هذا ان يكون هناك وضوح وترتيب اكثر لهذه المسألة من قبل الجهات المعنية لضبط هذه العملية، وتجنب أي تبعات سلبية مثل تحديد المساحات والعقارات التي يسمح للعوائل او العزاب السكن بها بشكل مستقل.
وهو ما يؤكده محمد العمري الذي يرى ان اسعار البيوت القديمة بالثقبة وبعد ان كانت خاصة بالعائلات بشكل واسع ومع مرور الوقت وجد فيها العقاريون خيارا مربحا بأقل التكاليف حين خصصوها للعمالة الوافدة التي تتمكن في الغالب من توفير قيمة ايجاراتها عن طريق الشركات التي يعملون لديها (بدل السكن)، كذلك نظام التشارك في دفع القيمة من الجميع الذي يقل كلما زاد عدد سكان ذات المنزل، وهو الامر الذي لن يضع له المؤجر حدا أعلى ما دام يتسلم الايجار بشكل منتظم، وهو ما يترتب عليه مشاكل عدة منها الصحية والامنية وإزعاج الأسر التي لم تتمكن من الانتقال من الحي لعدم توافر خيار مناسب لها ولقدراتها.
العزاب يفضلون مساكن تتواءم مع ظروفهم الاقتصادية
ممارسات العمالة أوقعت العزاب السعوديين ضحية في المجتمع
دعا المتحدثون في الندوة مكاتب العقار إلى الالتفات للعوامل الإنسانية والاجتماعية للعمالة
بعض المشاركين في الندوة يرون أن السماح للعزاب بالسكن بين العائلات أدعى للانضباط وتقويم السلوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.