يقدر عدد المدخنين حول العالم بمليار شخص، يستهلكون سنويا ما يزيد على الستة تريليونات سيجارة بقيمة 890 مليار دولار، وهذا يعادل 4.5 بالمئة من مجمل قيمة التجارة العالمية! من الطبيعي أن تسعى شركات التبغ المستفيدة من هذا الحجم الهائل من التجارة إلى المحافظة على مكتسباتها وأرباحها الضخمة التي تعادل ميزانيات عدة دول صغيرة مجتمعة. ولذا، فإنها تصرف مئات الملايين على الدعاية والترويج لمنتجاتها حتى مع وجود الحظر الدولي الذي بدأ في الغرب ضد الدعاية والترويج لمنتجات التبغ، ولكنها تعمد إلى أساليب وطرق متعددة للترويج والدعاية ومنها السينما على سبيل المثال بواسطة الأبطال السينمائيين الذين لا تكتمل شخصياتهم إلا بتدخين سيجارة في أغلب مشاهد الفيلم. بالمقابل، فإن العديد من الدول تكافح التدخين، وتحذر منه بعدة طرق توعوية واقتصادية، فعلى المستوى التوعوي تبذل الكثير من الدول الجهود الإعلامية التوعوية والحملات الصحية التي توضح مخاطر التدخين وأضراره عبر مختلف الوسائل الإعلامية، وعلى المستوى الاقتصادي تعمد الكثير من الدول إلى زيادة الضريبة الجمركية على منتجات التبغ في محاولة للحد من الاستهلاك بزيادة الثمن ولتعويض الخسائر التي تتكبدها الدولة في علاج المدخنين سنويا، وهنا يكمن التحدي الحقيقي بين شركات التبغ والحكومات، فمع كل القيود والمحاذير التي تفرضها الدول ما زالت كفة شركات التبغ هي الراجحة والرابحة في نهاية المطاف كما تخبرنا به الأرقام والاحصائيات. هناك أيضا أطراف كثيرة تساهم في الترويج للتدخين من حيث تعلم أو لا تعلم ومن داخل القطاع الصحي، فعلى سبيل المثال يهاجم بعض الأطباء والعاملين في القطاع الصحي بدائل السجائر من منتجات التبغ الأخرى كالشيشة مثلا ويروجون إلى خطرها عبر مقارنتها بالسجائر، فهناك معلومة شائعة ولا أعلم مدى صحتها العلمية تقول إن نفسا واحدا من شيشة المعسل يعادل تدخين علبة سجائر كاملة! وبغض النظر عن تلك المقولة غير المنطقية فإن الأسلوب نفسه غير صحيح؛ لأنه يهون على المدخن خطر تدخين السجائر الذي مهما كان مستواه فإنه لن يصل إلى خطورة نفس واحد من الشيشة وهذا التصور الخاطئ حذا ببعض من أعرفهم شخصيا إلى ترك الشيشة التي كانوا يدخنونها فقط إلى اللجوء إلى السجائر كبديل أقل خطورة! مؤخرا وقبل خمس سنوات تقريبا ظهر ما يسمى بالسيجارة الإلكترونية أو الشيشة الإلكترونية التي تم تقديمها على أنها بديل مساعد للإقلاع عن التدخين والتي تعرضت هي الأخرى إلى الهجمات المدعومة من شركات التبغ التي لن تقبل بأي تهديد يؤثر على أرباحها، ومع أن وزارة الصحة في بريطانيا اعترفت بالسيجارة الإلكترونية كبديل مساعد للإقلاع عن التدخين، إلا أن إدارة الغذاء والدواء الفيدرالية في أمريكا ما زالت تعلن أن هذا المنتج لم يخضع للأبحاث والفحوصات بالرغم من انتشاره في أمريكا، وحقيقة الأمر لا أدري لماذا وإلى الآن لم تتفرغ ادارة الغذاء والدواء الفدرالية لدراسة هذا المنتج واعلان النتائج إلى المستهلكين! حجم الاستثمار والاستهلاك العالمي الهائل للسجائر يضمن لشركات التبغ البقاء دائما في الطليعة ويمنحها القوة الكافية لمكافحة كل حملات مكافحة التدخين، المسألة كبيرة جدا وتفوق تصور المستهلك المدخن العادي الذي من حيث يعلم أو لا يعلم يقع ضحية لعدة أطراف ظاهرة وخفية تقوده إلى تدخين نوع وماركة محددة تستثمر فيها شركات التبغ مئات الملايين لإضافة مواد كيميائية خاصة، تسهم في إدمان المدخن على الماركة الخاصة بها، وبقائه على تدخينها حتى آخر نفس في حياته.