ما بين الفساد وما "ساد" حرف الفاء. الآن الكل يحمل بين يديه كاميرا وهم على أتم الجاهزية لتوثيق كل صغيرة وكبيرة ومشاركتها مع جماهير مواقع التواصل المتعطشة للصخب، صور وانشر واستعد للضوضاء. والأصوات كانت هذا الأسبوع مع سارة في هاشتاق #أرفضمعاقبةسارة_ا بعد تعقيبات محام بعقوبة التشهير التي قد تطالها لفيديو صورته نقدا لتجربتها السيئة في مستشفى النور التخصصي بمكة المكرمة. فبعاطفة وغضب مواطنة نشرت سارة فيديو أشارت فيه إلى تقصير في الخدمات الطبية وتسيب الطاقم الطبي في المستشفى؛ ناهيك عن الصور المُقلقة التي أرفقتها عن سوء العناية بالمنطقة الصحية نفسها، فإذا كان تسيب الموظفين كتسيب الماء في ممرات المستشفى فمن يلوم سارة، بل ومن يمتنع عن أن ينضم للأصوات الغاضبة التي أيدتها! بيان المستشفى كان يعاتب الطريقة المستخدمة في الشكوى وكأنهم ينتظرون خطابا أنيقا مكتوبا بجمل منسقة. فمع ما شهدنا من تسيب، لو كانت الشكوى قُدمت مكتوبة وانتقلت من يد ليد فهل كانت ستجد طريقها إلى الجهات المختصة؟ أم ستنتهي في ملف بقاع درج لا يصله النور؟ وهل يعقل أن إدارة المستشفى في غفلة عن مشاكل جذرية كهذه؟ وهذا السؤال مطروح لأنه سبق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن نبهت قبل عدة سنوات على نفس النقاط ولذات المشفى فكيف للخطأ أن يعيد نفسه! أم أنه "ساد" تسيب الموظفين في المستشفى ليصل لمرحلة الاعتيادية لدى إدارتهم؟ والمرعب أنه مع كثرة الأخطاء الطبية لا يسعنا إلا أن نتساءل: لولا جرأة سارة، كم من الوقت قبل أن يفتح تحقيق في المستشفى؟ وكم من خطأ طبي حدث أو كان ليحدث بسبب إهمال الطاقم العلاجي؟ فحتى لا نعتذر بعد الأخطاء الطبية بجهاز أيباد، لتضع وزارة الصحة كل ملحقاتها تحت مجهر طبي عملاق، لأن موظفي المجال الطبي بالأخص.. يدفع المرضى ثمن أخطائهم غالياً. هنا نجد أن الفيديو كان ضرورة، فإذا كان الكادر الطبي نسي أو تناسى الأمانة المهنية المرتبطة بمهنته، فلعل الضجيج الاجتماعي كفيل بتذكيره. الآن .. وبعد الحريق والتحقيق، ومع الترميمات التي ستعقب الحريق في مستشفى النور هل ستشمل الترميم الإداري؟ الكل في انتظار رد الوزارة، فإذا "ساد" تسيب من أي نوع وفي أي مستشفى، للوزارة اليد التي تستطيع أن تقبض زمام الأمور، لنقطع ما "ساد" حتى لا نعبر الحد الفاصل للفساد.