تراكمت الغيوم المحمولة على كاهل الريح، وأرزم الرعد المفزع، ولاح البرق الخاطف، في سماء القرية القابعة على ضفاف وادٍ أفيح طوله مسيرة يوم كامل. فاجتماع السحب في السماء يعني تلاشي أشعة الشمس واختفاءها تمامًا، معلنة أن غياب الشمس لا يعني دخول الليل، ولا بقاء النهار، بل هو زمن بينهما لا يحمل اسمًا! أما عناقها الحار فيتمخض عنه قطرات مطر متساقطة، فيمتد ذلك العناق إلى سطح الأرض الخشن، فتمتزج النعومة بالخشونة؛ فينتج عن ذلك التفاعل خشونة من نوع آخر، وتتحول الأرض إلى ساحة معركة طاحنة بين صنفين لا يحملان أوجه تشابه، ثم تنساح المياه بغلاظة، فتجرف معالم الأرض ومناظرها، وتتغير ملامحها. ففي لحظة تاريخية.. تتعرى الأرض من لباسها الساتر.. تمهيدًا لارتداء ملبس جديد.. ولكن قد يستمر عريها ردحًا من الزمن! أو قد يتحول إلى وحل..