توقع متخصصون في مجال الاقتصاد التقني تراجعا طفيفا في مبيعات الأجهزة الذكية خلال الفترة القادمة، مقارنة بالعام الماضي، مشيرين إلى أن الشركات تحاول تدارك هذا التراجع في المبيعات، بالتركيز على تسويق الاكسسوارات من نظارات الواقع الافتراضي، والأساور الذكية، وملحقات الكاميرة والسماعات وغيرها بدمجها مع الهواتف الذكية بعروض ترويجية؛ لرفع فاتورة المبيعات وتعويض التباطؤ المتوقع في النمو. ومن جانبه، قال خبير الاقتصاد التقني أحمد العمودي: إن سرعة التحولات في سوق الهواتف الذكية أصبحت إحدى سمات الصناعة التقنية في العالم، فالسرعة في التغييرات والخصائص تدل على شدة المنافسة في هذا السوق بخطوات متقاربة بين الشركات، حيث أصبحنا نستمع بشكل يومي عن أجهزة جديدة تطرح في الأسواق، لأن الشركات تبحث بسرعة عن فرصة لزيادة الحصص السوقية بكسب مزيد من المستهلكين، وهناك منافسة يمكننا أن نطلق عليها حربا بين الشركات المصنعة للهواتف لاقتناص أكبر شريحة من الأسواق العالمية، كما أن الشركات التقنية المعروفة خاصة التي تصنع الهواتف الذكية أصبحت في خطر مع زيادة عدد المنافسين، فالشركات الصينية مثل شركة هواوي على سبيل المثال سحبت البساط من تحت شركات مثل سامسونج وسوني وإل جي. وتابع: "أعتقد أن يشهد سوق الهواتف الذكية تراجعا بسيطا في النمو بسبب التغيرات الحاصلة في السوق العالمي، وأن يكون تركيز المبيعات على الهواتف المتوسطة والرخيصة، كما أن توجه الشركات منذ بداية هذا العام إلى تبني تقنيات تسويقية تعتمد على الملحقات أكثر من الهواتف، فقد بتنا نرى أن شركات مثل: سامسونج، وإل جي، واتش تي سي، وغيرها بدأت بتسويق منتجاتها منذ بداية هذا العام عبر خلق عروض جديدة ودمجها مبيعاتها مع الكاميرات ذات 360 درجة، ونظارات الواقع الافتراضي وغيرها، أكبر دليل على أنها تواجه بعض الصعوبات في تسويق منتجاتها بالطريقة التقليدية". وأكد أن ظهور وانتشار شركات الهواتف الصينية عالمية أدى إلى احتدام المنافسة في السوق وهو الأمر الذي سيساهم في خفض الأسعار عالميا، إلا أن القوة الشرائية عالميا اختلفت عما كانت عليه خلال الأعوام السابقة، فتذبذب أسعار النفط عالميا يؤثر بشكل كبير على القوة الشرائية في الأسواق الناشئة، كما أنه منذ منتصف العام الماضي وحتى الآن لم يتم إطلاق هاتف بخصائص جديدة أو بميزة تنافسية تميزه عن نظائره من الشركات الأخرى، من حيث سرعة المعالج وقياسات الشاشة، وأصبح المستهلك أكثرا وعيا بما يحتاجه من الهاتف الذكي، ولم تعد تلك الكلمات الترويجية تؤثر بشكل كبير، فقد أصبح يعرف متطلباته واحتياجاته من الهاتف الذكي والتي يمكن أن ينفذها هاتف بمعالج ثنائي النواة لا يتجاوز سعره 400 ريال. من جانبه، قال المدون التقني عبدالله الغفيص إن مؤشرات سوق الهواتف توضح مدى قابليته للنمو خلال العام الجاري، وخاصة من قبل شركة أبل والشركات الصينية التي تستحوذ على جزء كبير من السوق بعد دخولها الأسوق العالمية وخاصة السوق الأمريكي وأسواق الشرق الاوسط التي تعد من أكثر الأسواق استخداما للهواتف الذكية، إضافة إلى دخول أبل إلى السوق الصيني الذي يعد أحد الأسواق الواعدة، بالإضافة إلى وصولها إلى الشرق الأوسط وأسواق الخليج خاصة بعد افتتاحها فرعها الرسمي في مدينة دبي. وتابع "التحول في سوق الهواتف تحول سريع بسبب تغير سياسات الشركات من حيث الإصدارات المختلفة للأجهزة وبمواصفات متعددة وتختلف من سوق لأخر، فبعض الهواتف يتم إطلاقها بمواصفات خاصة للسوق الصيني بمواصفات تتناسب مع متطلبات السوق واعادة ما تكون ذات خيارات موسعة تختلف تماما عن نسخ الهواتف الموجهة لسوق الشرق الأوسط والتي عادة ما تكون بمواصفات محدودة مقارنة بالنسخة الموجهة للسوق العالمي والسوق الصيني". وأشار إلى أن أبرز الاختلافات بين نسخ الهواتف تتركز في عدد شرائح الاتصال والمساحات التخزينية في الهواتف وترددات الجيل الرابع التي تختلف بين دول العالم، وبعض التطبيقات التي تكون موجهة لسوق محدد أو محظورة في بعض الأسواق. ووفقاً لآخر الإحصائيات الصادرة عن مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية «جارتنر» أنه بلغ إجمالي المبيعات العالمية من الهواتف الذكية لصالح المستخدمين النهائيين 403 ملايين جهاز خلال الربع الرابع من العام 2015، أي بزيادة قدرها 9.7 بالمائة مقارنةً بذات الفترة من العام 2014، عن مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية «جارتنر». إلا أن معدل النمو هذا هو الأبطأ منذ العام 2008. وبشكل إجمالي، بلغ عدد مبيعات الهواتف الذكية 1.4 مليار جهاز خلال العام 2015، أي بزيادة قدرها 14.4 بالمائة عما حققته خلال العام 2014. وأضاف التقرير "واصلت الهواتف الذكية الاقتصادية ومنخفضة الكلفة في الأسواق الصاعدة، والطلب القوي على الهواتف الذكية الممتازة، تعزيز مسيرة نمو سوق الهواتف الذكية. أما حرب الأسعار التي اشتعلت ما بين العلامات التجارية المحلية والصينية ضمن قطاعي الأجهزة متوسطة القيمة والاستهلاكية في الأسواق الصاعدة، فقد أدى إلى توجه المستهلكين إلى ترقية أجهزتهم بوتيرة أسرع عبر اقتنائهم للهواتف الذكية المطروحة بأسعار معقولة". وأشار التقرير إلى أن 85 بالمائة من المستخدمين في أسواق آسيا والمحيط الهادئ يستبدلون هواتفهم الحالية متوسطة القيمة بهواتف جديدة من ذات الفئة. بالإضافة إلى ذلك، أدى تراجع قيمة صرف العملات المحلية مقابل الدولار الأمريكي، وذلك فى العديد من الأسواق الصاعدة، إلى إثقال كاهل العديد من شركات التوريد التي تعتمد على استيراد الأجهزة بضغوط هامشية. أما ظروف السوق الحالية، فإنها تدفع بعض شركات التوريد إلى الأخذ بعين الاعتبار السعي إلى إطلاق عمليات التصنيع في كل من الهند وإندونيسيا، وذلك لتجنب التعرض لمخاطر تقلب قيمة صرف العملات المحلية، والضرائب الكبيرة على الواردات في المستقبل. وتمكنت كل من سامسونج وهواوي، وهما الشركتان الوحيدتان ضمن قائمة أفضل خمس شركات لتوريد الهواتف الذكية، من تسجيل نمو في معدل مبيعاتها للمستخدمين النهائيين خلال الربع الرابع من العام 2015، في حين عانت شركة آبل من أول تراجع لها في مبيعات الهواتف الذكية، حيث تراجعت مبيعات أجهزة الأيفون بنسبة 4.4 بالمائة. وعلى الرغم من تصدر شركة سامسونج لهذه القائمة، إلا أن خبراء التحليل أشاروا إلى مواجهة الشركة للعديد من التحديات، وهو ما تطرق إليه التقرير بالقول: "يتوجب على شركة سامسونج، كي تتمكن من إيقاف التراجع في مبيعات الهواتف الذكية الممتازة، طرح هواتف ذكية جديدة ورائدة في الأسواق، تستطيع من خلالها منافسة أجهزة الأيفون، وإيقاف انتشار الأجهزة التي تعمل بنظام تشغيل آبل". من جهة أخرى، وفي ظل ارتفاع مبيعاتها بنسبة 53 بالمائة خلال الربع الرابع من العام 2015، حققت شركة هواوي أفضل أداء لها مقارنة بالعام السابق، حيث تمكنت من تعزيز حضور وشفافية علامتها التجارية في الخارج، كما أن قرارها الحكيم بالعمل على تحديد نطاق مبيعاتها بالهواتف الذكية، حقق لها أعلى معدل لأسعار البيع خلال العام 2015. أما بالنسبة لإجمالي مبيعات الهواتف الذكية خلال العام 2015، تمكنت شركة سامسونج من الحفاظ على صدارة القائمة إلا أن حصتها السوقية تراجعت بنسبة 2.2 بالمائة في حين تمكنت شركة آبل خلال العام 2015 من بيع 225.9 مليون جهاز أيفون، لتبلغ بذلك حصتها السوقية حوالي 16 بالمائة. بينما اقتربت مبيعات شركة هواوي من الهواتف الذكية من 104 ملايين جهاز، أي بزيادة قدها 53 بالمائة على أساس سنوي. وعلى صعيد سوق أنظمة تشغيل (OS) الهواتف الذكية، ارتفع معدل نمو نظام التشغيل آندرويد بنسبة 16.6 بالمائة خلال الربع الرابع من العام 2015، ليعزز من نمو الإجمالي لسوق أنظمة التشغيل العالمي بنسبة 80.7 بالمائة، وتحدث التقرير عن هذه النقطة قائلا: "استفاد نظام التشغيل آندرويد من تواصل الطلب على الهواتف الذكية المطروحة بأسعار معقولة، ومن تباطؤ معدل نمو الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل آبل في سوق المنتجات الممتازة خلال الربع الرابع من العام 2015. أما على صعيد قطاع الأجهزة الممتازة، وعلى الرغم من تباطؤ معدل مبيعات شركة آبل على أساس سنوي خلال الربع الرابع من العام، إلا أنها تمكنت من تضييق نطاق الهوة ما بينها وبين شركة سامسونج على مستوى الحصة السوقية ككل خلال العام 2015. عبدالله الغفيص