في زيارة لموقع من أهم مواقع التاريخ الإسلامي وهو مدينة "بدر" التي تحتضن موقع معركة بدر الكبرى، وضعت يدي على قلبي متمنيا أن أراها بأفضل حال، اقتربت منها فَلاح في الأفق عرق الحنان، وهو كثيب رملي بديع يقارع قمم الجبال فحن قلبي لرؤيته، فلقد قرأت أنه مكان معسكر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي سأله فيه حباب بن المنذر: يا رسول الله أمنزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتعداه ولا نقصر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال رسول الله: (بل هو الرأي والحرب والمكيدة) قال الحباب: يا رسول الله ليس بمنزل، ولكن انهض حتى تجعل القلب كلها من وراء ظهرك ثم غور كل قليب بها إلا قليبا واحدا ثم احفر عليه حوضا فنقاتل القوم ونشرب ولا يشربون حتى يحكم الله بيننا وبينهم. فقال رسول الله: (قد أشرت بالرأي)، كان بلا لوحة إرشادية تذكر العابرين بأهميته وذكراه، فتحولت منه الى مدينة بدر ثم توجهت الى مقبرة الشهداء لألقي عليهم تحية الإسلام فوجدت المقبرة قد سورت بجدار لا ترى منه شيئا وبقدر ما ساءني حالها بقدر ما سرني نصب نقشت عليه أمام المقبرة اسماء شهداء بدر رضوان الله عليهم. رأيت مسجد العريش الذي بني في ذات الموضع الذي بنى فيه الصحابة رضوان الله عليهم عريشا لرسول الله ليراقب المعركة فوجدته مغلقا تملأ جنباته الأوساخ والقاذورات، وقف شامخا أمام ميدان المعركة الذي امتلأ بالركامات وأعجاز النخل الخاوية، لمحت بئرين او ثلاث، فتساءلت أيها هي البئر التي أبقى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشرب المسلمون وأيها ألقيت به جثث الكافرين! أحسست برهبة المكان وتخيلت صليل السيوف وجلبة الخيل وتفاصيل المعركة وملائكة السماء قد نزلت تمد جيوش المسلمين! رأيت العدوة الدنيا والقصوى كما ذكرتا في القرآن ولم أستدل عليها الا من خلال البحث في كتب التاريخ والبلدان فلا لوحات إرشادية ولا أدنى اهتمام بمواضع خلدها القرآن، سرت في طرقات بدر وأنا أتساءل ماذا لو كان هذا الموقع في بلد اخر يهتم بالسياحة الدينية؟! رأيت حافلة تحمل زوارا من مختلف دول الإسلام وقفوا يبكون من روحانية تلك البقعة التي لم يجدوا فيها ابسط مقومات السياحة الدينية، فلا مرشدون ولا موجهون ولا حتى خدمات او حمامات، مضيت سائرا في طريقي فلفت نظري حجر رخامي كبير قائم في أرض خلاء تزاحمه فيه شاحنات النقل الثقيل! توقفت لأستبين أمره فصدمت مما رأيت، كان حجر أساس لمكتبة بدر العامة نقش في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- عام 2005م ووضعه نيابة عنه الأمير مقرن بن عبدالعزيز -حفظه الله-! نظرت حولي بحثا عما يمكن أن يطلق عليه اسم مكتبة فلم أجد سوى التراب والركامات والأوساخ.