بعد غياب دام لسنوات، تعود مصر مجددا إلى القارة السمراء، عبر بوابة مؤتمر اقتصادي واضعة العلاقات التجارية والاستثمارات في إفريقيا على أولوياتها، وبينما ثمنت أحزاب مصرية توجه الدولة الجديد واعتبرته بمثابة استعادة الدور الريادي والتاريخي للبلاد بالقارة، حذر محلل سياسي في تصريحات ل"اليوم" من التغلغل الإقليمي والدولي للهيمنة على الاقتصاد الإفريقي. واختتمت أعمال منتدى الاستثمار الإفريقي، الأحد، بمدينة شرم الشيخ (شرق البلاد) بمشاركة ما يزيد عن 1500 شخص، وافتتحه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي و6 رؤساء أفارقة، بهدف تعزيز التجارة والاستثمار في القارة الأفريقية. بما يسهم في تحقيق تنمية شاملة وتكامل اقتصادي في القارة. ويضع الاتحاد الإفريقي أجندة لتحقيق التنمية الشاملة في القارة السمراء بحلول العام 2063 الذي يوافق مرور 100 عام على تأسيسه. وثمن نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجي الدكتور مختار غباشي، استضافة مصر للمنتدى الاقتصادي، واعتبرها "خطوة محمودة"، لافتا إلى أن الدولة المصرية تحاول أن تضع موطئ قدم جديدة في القارة السمراء. إلا أن غباشي قال ل"اليوم" إن الاتجاه المصري نحو إفريقيا في عهد الرئيس السيسي يختلف تماما عن سابقه خلال الخمسينات والستينات في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، حيث قال: "المنافسة شرسة داخل الساحة الإفريقية، فهناك تغلغل إسرائيلي، وتمدد إيراني، فضلا عن وجود 250 شركة صينية بواقع 210 مليارات دولار استثمارات" وتابع: "المنتدى الإفريقي يفتح آفاق عمل واستثمارات جديدة في بلدان القارة". وأشاد السيسي خلال لقائه بعدد من المستثمرين ورجال الأعمال، ببلوغ حجم الاستثمارات المصرية فى الدول الأفريقية 8 مليارات دولار، مرحبا بدورة بالاستثمارات الإفريقية والأجنبية فى مصر، حيث استعرض سيادته خطط الدولة الاقتصادية وما اتخذته الحكومة من إصلاحات هيكلية وتشريعية لتيسير إجراءات الاستثمار وتوفير مناخ جاذب للأعمال، وإطلاق عدد كبير من المشروعات العملاقة التي تتيح فرصاً واعدة ومجزية للاستثمار فى العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية، بحسب ما جاء على لسان السفير علاء يوسف المتحدث باسم الرئاسة المصرية في مؤتمر صحفي خلال أعمال المنتدى. وفي بيان حصلت "اليوم" على نسخة منه، اعتبر طارق محمود الأمين العام لائتلاف دعم صندوق تحيا مصر، منتدى أعمال أفريقيا 2016 بمثابة استعادة لدور مصر الريادي والتاريخي، ويؤكد زعامتها الحقيقية للقارة. وأكد محمود أن كلمة الرئيس السيسي تمثل بداية للتكامل الاقتصادي الإفريقي لجذب استثمارات هائلة للقارة. من جانبه، اعتبر حزب مستقبل وطن، الممثل ب 50 مقعدا في البرلمان المصري، أن الانفتاح على إفريقيا يفتح الباب أمام الخبرات المصرية للتواجد في السوق الإفريقي لأعوام كثيرة وتحقيق عوائد ضخمة. وقال نضال السعيد عضو ورئيس لجنة التنمية المستدامة بهذا الحزب: إن "الفرص الاستثمارية في القارة لا حصر لها، حيث إن القاره الإفريقيه أصبحت واحدة من أكثر مراكز الأعمال نموًا بالعالم." ويرى مراقبون أن مصر تسعى لمزيد من التبادل التجاري والاستثمار في إفريقيا، بعد تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع قيمة الدولار إلى (9 جنيهات) مقابل العملة المحلية، بل إنها تراهن على القارة السمراء المليئة بالثروات والمعادن لتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد. ويرى الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة، أن مصر تلعب دورا قياديا في القارة الإفريقية، وأن هناك توجها مصريا نحو إفريقيا سيعود بمزيد من الشراكة بين دول القارة ومصر. وأكد إبراهيم ل"اليوم" أن فرص الشراكة بين مصر وإفريقيا أسهل من الشراكة مع الدول الأوروبية، كما أن دول القارة السمراء بها العديد من الموارد التي من السهل أن تستفيد بها مصر. واعتبر الخبير الاقتصادي إبراهيم أن المؤتمر لا يمثل فقط عرض استثمارات البلدان على حدة، بل يساهم في إنشاء مشاريع استثمارية وتجارية بين دول القارة مثل خطوط لربط القنوات وطرق نقل بري، حيث تشكل هذه المشروعات عامل جذب للدول الكبرى لأجل الاستثمار بمصر. وأكد وزير الاستثمار المصري أشرف سالمان في البيان الختامي للقمة، أن بنك التنمية الإفريقي دعم مصر ب1 ونصف مليار دولار لدعم الاقتصاد المصري، وأيضا رصد البنك ل12 مليار دولار للاستثمار في القارة الإفريقية ،كما رصد 5 مليارات دولار لمساعدة القارة في مجال البيئة. وانتهى المؤتمر بتوقيع عدد من مذكرات التفاهم بين شركة مايكروسوفت والحكومة المصرية لتوفير التدريب بين نظرائهم الأفارقة في مجال الطب والوقاية من السرطان مع حكومة موزمبيق، وتوقيع اتفاقية إنشاء مراكز لوجستية مع مركز التصدير للكيماويات وشركة أرض الخير بين وزارة التعاون الدولي ومحافظة جنوبسيناء في مجال الثروة الحيوانية. ومن المتوقع أن ترتفع نسبة النمو الاقتصادي من 4،4% خلال العام 2016 إلى 5% خلال العام 2017، وهي نسبة أفضل بكثير مما هي عليه في الدول المتقدمة والتي تبلغ نحو3%. إلا أن القارة السمراء مع ذلك لا تمثل سوى 2% من التجارة العالمية، بحسب الخبراء.