توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة ليس بالأمر السهل كما يظن البعض بل يحتاج أولاً: إلى يقين صاحب العمل بقدراتهم وإمكانياتهم، وثانياً: ملاءمة الوظيفة على حسب نوع الإعاقة ومن ثم تهيئة بيئة العمل ليست من الناحية العمرانية فحسب وأيضاً مع زملائه، فالكثير منهم يترك الوظيفة بسبب سوء الفهم بين الشخص المعاق أو زملائه وقد يكون حتى من رئيسه في العمل، فعلى سبيل المثال ذو الإعاقة العقلية عندما يتقدم للعمل لا يبدو عليه أنهُ شخص من ذوي الإعاقة إلا بعد التعامل فتجده لا يستوعب كما من الأوامر ولا يجيد كثيراً من الأعمال المكتبية والإدارية بل يحتاج إلى مساعدة وتوجيه أكثر من الشخص غير المعاق عقلياً فيظن البعض انهُ لا يريد المساعدة أو تنفيذ المطلوب منه. ولأن قدراتهم تظهر في الأعمال اليدوية تبنت جمعية الأشخاص ذوي الإعاقة بالأحساء فكرة برنامج التدريب الزراعي لذوي الإعاقة العقلية البسيطة المنتهي بالتوظيف، الذي قام على تدريب 15 متدربا كل 6 أشهر من خريجي البرامج ومعاهد التربية الفكرية، وكانت البداية عام 1432ه بعدة شركَات منها بنك الرياض ممثلة في إدارة الاعتزاز بخدمة المجتمع، وكذلك مع هيئة الري والصرف والمشاركة بمهندسين زراعيين متخصصين في المشاتل وزراعة المسطحات الخضراء والعناية بالنخيل ورعاية المحاصيل الحقلية ووقاية النباتات ورعاية المناحل، وبلغ عدد المستفيدين من البرنامج التدريبي منذ انطلاقته وحتى الآن 75 متدربًا، وكان يهدف إلى تدريب وتأهيل الشباب من ذوي الإعاقة العقلية البسيطة ودمجهم في سوق العمل ليكونوا عناصر فاعلين ومؤهلين للمساهمة في البناء ودفع عجلة التنمية في بلادنا واستثمار الطاقات الكامنة لدى هذه الفئة وتحويلها من طاقات سلبية إلى طاقات إيجابية منتجة، واختارت جمعية ذوي الإعاقة بالأحساء هذا البرنامج ليلامس احتياج المنطقة كونها زراعية واحتياجها إلى مزارعين لتغطية النقص في الأيدي العاملة من المواطنين بسبب عزوف بعض الشباب والاتجاه إلى المهن الإدارية والصناعية، مما جعل هذا المشروع أكثر تميزاً في المحافظة. ولريادة هذا العمل في خدمة ذوي الإعاقة قد حظي منذُ أيام بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز رحمها الله والذي حمل عنوان "التمكين الاجتماعي والاقتصادي لذوي الإعاقة" ولم يختر هذا الموضوع جزافاً بل إيماناً من مجلس أمناء الجائزة في دورتها الثالثة بضرورة دعم هذه الفئة الغالية، وتعزيز الجهود المبذولة إلى دعمها وتمكينها من العيش بكرامة أسوة بقرنائهم من غير ذوي الإعاقة، وقد حصد هذا المشروع ثماره فهناك العديد ممن التحقوا بالبرنامج توظفوا بعد تخرجهم واستقلوا بحياتهم وتزوجوا وهم الآن اباء، ونتمنى في المستقبل القريب أن تكون هناك أعمال أخرى تناسب قدراتهم العقلية لاستقطاب كل خريجي طلاب الثانوية من معاهد وبرامج التربية الفكرية.