في نظرة سريعة للعديد من الروايات الحديثة والكُتاب الجدد، نجد انها تبدو أقرب لمحادثات دردشة منها أن تكون رواية. وكثير من الكُتاب المخضرمين وحتى القراء يبدون التحفظ وفي بعض الأحيان الهجوم على هذه الكتب. «كتب فارغة وحوارات ركيكة بعيدة عن الحبكة، حبر ضائع على ورق كان أجدر بإعادة التدوير. كثر اللوم على دور الطباعة التي تحول كثير منها إلى مؤسسات ربحية بحتة ستبيع دليل الهاتف لو طبع بغلاف أنيق». لعله صحيح، كثير من الكتب الجديدة لا تستحق أن تسمى كتباً أو أن تحتل مساحة على الرفوف بجانب كتاب كبار مثل محفوظ ومنيف، لكن من ناحية أخرى هذا حق القارئ أن يحدد ماذا سيقرأ. وبما أن هذه الكتب تباع بكميات هذا يعني أن لها قاعدتها الجماهيرية بقرائها المتلهفين للمزيد. فمن هم هؤلاء القراء؟ معظم ثقافة الجيل الجديد لا تشمل نيتشة والمتنبي، الا عبر محادثات وصور وحياة سريعة عبر الإنترنت. وهذا ليس بالضرورة بالشيء السيئ ولا يعني فرض نمط حياة معين على أي شخص. هذه الروايات الجديدة هي تمثيل وصورة لجزء من الحياة اليومية للشخص العادي. وإذا كنا أنا وأنت نرفض هذا النوع من القراءة دعنا لا ننسى الكثير المنتمين ل «هم وهن» الذين وجدوا في هذه الكتب التسلية والصور المقاربة لصورهم. بغض النظر عن جودة الكتاب واللغة، الكتب لكل شرائح المجتمع وعن كل شرائح المجتمع. من جهة أخرى، حين سيدرس الباحثون حياتنا بعد عشرين أو خمسين سنة ألن يكون هذا الحوار جزءا منه؟ ألن تتحول حواراتنا اليومية ومحادثات اليوم إلى نص الغد؟ لربما قرأوا حوارات قديمة في الواتساب أو البي بي وحتى الماسنجر لدراسة ما كنا عليه. هذه الروايات المبتذلة أدبياً اليوم والتي لم يبذل أصحابها أدنى مجهود كما ندعي قد تصبح رمزا لماضي الكثيرين ذات يوم. وهنا أنا لا أعطي الكُتاب الفضل في هذا المجهود، فلعلها رمية من غير رامٍ، لكن لنسمح بحرية الكتابة ولنقلل الهجوم الناقد. وتاريخ النقد يضج بالروايات التي كانت ضحية هجوم في بدايتها قبل أن تتحول إلى الكلاسيكيات. شئنا أم أبينا، كتب اليوم قد تكون أنثرولوجية الغد. والرافضون لهذه الكتب ليأخذوا فرصة توليد الشيء الجيد من السيئ. واجهوهم بكتب أفضل وتمثيل آخر لهذا الجيل، المساحة وافرة والكتابة للجميع. في النهاية أنت كقارئ ستحدد ما يستحق أن يُقرأ ولكل منا حرية الاختيار.