(4) الماجستير.. للبناء تحقّق عندي أنّ من تفرّغ لدراسة السنة المنهجية في الماجستير ثم قضاها في غير جمع كتب التخصّص ومطالعتها = فقد خسر ما يعزّ تداركه. ومن تجربتي: بعد أن انتهيت من مرحلة جمع الكتب والمصورات في التخصّص, عكفت على كنزي في مكتبتي, وخصّصتُ دفتراً كبيراً لعلوم القرآن, ونشرت أمامي كتب علوم القرآن فجاءت في دائرة كبيرة, وابتدأت بأول موضوع؛ وليكن مثلاً: نزول الوحي. ثم كتبته عنواناً في الدفتر, ثم استعرضت جميع الكتب في هذا الموضوع من الأقدم إلى الأحدث, ثم أكتب خلاصة تلك المراجع في دفتري, وأحدّد المباحث المشتركة في كتب المعاصرين على الخصوص, فخلصتُ إلى فائدة عظيمة جداً, وهي: التمييز بين أهل النقل وأهل الابتكار ممن ألّف في علوم القرآن. وأهدي ثمرة ذلك إلى إخواني القرّاء وأقول: إن عامّة المباحث المكتوبة في علوم القرآن في تصانيف المعاصرين ترجع إلى كتاب واحد هو: «مباحث في علوم القرآن» للعالم الدكتور. صبحي الصالح رحمه الله. وذلك حتى عام 1424ه, فقد ظهرت بعد ذلك بسنين مصنفات فيها من الابتكار والتحقيق. فالماجستير إذاً مرحلة مشاريعك العلميّة الخاصّة, تغتنمها في الجمع والاستيعاب, والقليل من النقد. (5) والتقى أهل التفسير في أحد أيّام عام 1423ه التقيتُ لأوّل مرّة بالشيخ المحقق المفسّر أ.د مساعد بن سليمان الطيار, في بيت أحد أصدقائنا بمكة, وأهديته نسخة مصورة نادرة من مجموع فيه رسائل في أصول التفسير من النّقاية للسيوطي, وأخرى لابن حزم, وثالثة للقاسمي. وتوثقت صلتي به من حينها, ووجدت في مجالسته أجلّ ما كنت أبحث عنه عند كلّ من لقيته؛ وهو: الطريقة العلميّة الراسخة في فهم مسائل علوم القرآن وأصول التفسير وحلِّ الإشكالات الواردة فيها. وأخبرني الشيخ لاحقاً أنّ أعظمَ من استفادَ هو منه ذلك: ابنُ جرير الطبري, أثناء قراءته المطوّلة لتفسيره. وأذكر يوماً أني اقترحت على الشيخ مساعد: لماذا لا يكون لأهل التفسير موقع خاص في الانترنت؟ فقال: يفترض ذلك, وقد فاتحني الفاضل الشيخ: عبدالرحمن الشهري بعزمه على ذلك. فقلت: يسر الله الأمر. وبعدها بأيّام قليلة وُلدَ (ملتقى أهل التفسير), ونشأ فيه (أبو بيان), وكان لنا فيه ما كان؛ علماً وأدباً وحواراً راقياً وإفادة واستفادة. وكان من ثمرات ذلك الملتقى رحلة إلى الرياض جمعتني مع أخي عبدالعزيز الضامر في منزل الشيخ مساعد بالعالمين الفاضلين: د. عبدالرحمن بن معاضه الشهري, وأبي مجاهد د. محمد بن عبدالله القحطاني. فلقيتهما لأول مرة, ولا أنسى ذلك المجلس وما تلاه من مجالس معهما تفيض علماً وأدباً, وكان لملتقى أهل التفسير النّصيب الأكبر من الاهتمام والعمل. وقد رأيت في هذه المجموعة المباركة من الاجتهاد والعلم والحكمة والخلقِ الرَّفيع ما جعل من (ملتقى أهل التفسير) منارةَ علم وتأصيل وتصحيح, وتفرّع عنه مشاريع عالمية رائدة؛ أجلّها المركز العلميّ المميّز: مركز تفسير للدراسات القرآنية.