حظيت المملكة العربية السعودية بنمو سكاني وازدهار اقتصادي وتطور صناعي انعكس على حياة المواطن من ناحية، وعلى تطورها صناعيا واقتصاديا من ناحية أخرى، ما أسهم في نمو استهلاك الطاقة وهدر مفرط للثروة الطبيعية، وقد ارتفع الاستهلاك اليومي للطاقة من أقل من مليون برميل نفط مكافئ في عام 1980م، إلى نحو 4.2 مليون برميل نفط مكافئ حاليا، ويتوقع أن يرتفع هذا الاستهلاك إلى نحو 8 ملايين برميل نفط مكافئ يومياً في عام 2030م". وقد صاحب ارتفاع استهلاك الطاقة في المملكة نمو مطرد في كثافة استهلاك الطاقة بنحو 50٪ منذ عام 1985م، وأصبح معدل استهلاك الطاقة في المملكة يزيد عن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، على عكس ما يحدث في الدول المتقدمة. ولعل هذا الواقع أبرز أربعة تحديات تواجه إدارة استهلاك الطاقة في المملكة، تتركز في: انخفاض أسعار الطاقة، انخفاض وعي المستهلك بأهمية كفاءة الطاقة، تدني او غياب المواصفات القياسية لكفاءة الطاقة، ضعف التكامل بين الأجهزة الحكومية. وشرعت المملكة في العمل على رفع كفاءة استخدام الطاقة بإنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة، بهدف ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، وتوحيد الجهود بين الجهات المعنية، معبراً عن اهتمام الدولة بإيجاد حلول عملية لمواجهة الاستهلاك المتنامي"، ويشمل تنظيم المركز على: أن يكون العمل محصوراً على إدارة الاستهلاك فقط وذلك لوجود أجهزة حكومية، وبرامج لرفع كفاءة الطاقة في إنتاج النفط والغاز، وفي توليد ونقل وتوزيع الكهرباء، وفي تنويع مصادر إمدادات الطاقة. وتم وضْع برنامج «وطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة» وفق منظومة عمل شمولية تستهدف قطاعات الصناعة، والمباني، والنقل البري لاستهلاكها أكثر من 90% من الطاقة في المملكة، كما يقوم البرنامج بدراسة وتصميم وتنفيذ برامج كفاءة الطاقة. ونجد أن إدارة استهلاك الطاقة في المملكة تكتظ بالتحديات مع عدم وجود ممكنات للحد من الاستهلاك المتنامي للطاقة، على غرار المعمول به في معظم الدول الأخرى، حيث تتمثل هذه التحديات في انخفاض أسعار الطاقة في المملكة وارتفاعها في الدول المتقدمة، مما يساعد على الحد من الاستهلاك المتنامي للطاقة، انخفاض وعي المستهلك في المملكة بأهمية كفاءة الطاقة والحد من الهدر، في الوقت الذي يعد وعي المستهلك في الدول المتقدمة مرتفعاً، قياساً بتاريخ وكثافة الحملات التوعوية والبرامج التعليمية، بالإضافة الى تدني أو غياب المواصفات القياسية لكفاءة الطاقة في المملكة، مع ضعف إلزامية تطبيقها، في الوقت الذي تفرض الدول المتقدمة عقوبات صارمة لتطبيق هذه المواصفات القياسية على المنتجات، وضعف التكامل بين الأجهزة الحكومية في المملكة فيما يخص كفاءة الطاقة، مع عدم وجود جهة مختصة بشؤون الطاقة، في الوقت الذي تخضع فيه جميع شؤون الطاقة إلى جهة مختصة واحدة في الدول المتقدمة. وتم إعداد منظومة عمل لتطوير أنشطة البرنامج، حسب الآتي: الأول المبادئ، وتضم إدارة البرنامج، ومنهجية العمل، وأصحاب العلاقة، والحوكمة، والثاني التطوير والتنفيذ، ويضم المواصفات والمعايير، والتمويل، والاستثمار، والثالث المستقبل، ويضم التوعية، والموارد البشرية. وفيما يتعلق بالهيكل التنظيمي للبرنامج، فتتولى لجنة تنفيذية الإشراف المباشر على البرنامج، وتضم اللجنة في عضويتها 12جهة حكومية وشركات مملوكة للدولة معنية بتطوير أنشطة البرنامج"، كما ان اللجنة التنفيذية تشرف على مجموعة من الفرق الفنية والمساند، وتضم الفرق الفنية كلاً من: فريق الصناعة، فريق النقل البري، فريق المباني، فريق التخطيط الحضري وتبريد المناطق، وتضم الفرق المساندة كلاً من: الفريق القانوني، فريق التوعية، فريق الموارد البشرية، فريق التمويل، فريق شركات خدمات الطاقة، وفريق الفحص والمراقبة والاختبار. وهناك ثلاث سمات بشأن تركيبة تلك الفرق حسب الآتي: السمة الأولى، تولي الجهة المعنية في اللجنة التنفيذية، والأكثر علاقة بطبيعة نشاط الفرق الفنية والمساندة، رئاسة تلك الفرق. والسمة الثانية: تواجد تمثيل للفريق القانوني في جميع الفرق الفنية والمساندة بهدف تقديم المشورة القانونية بشأن سلامة إجراءات تطوير الأنشطة. والسمة الثالثة عكس الثانية، بتواجد تمثيل لجميع الفرق الفنية والمساندة في فريق التمويل، بهدف تحديد احتياجات الجهات المعنية من الموارد لتنفيذ الأنشطة، وتم تعزيز هذه المهارة عبر استقطاب بعض المتقاعدين من وزارة المالية، والمشهود لهم بحسن الأداء والأمانة، للاستفادة من خبراتهم في صياغة وإعداد احتياجات الجهات المعنية من الموارد، وفقاً للممارسات المعمول بها في وزارة المالية. ويتم تطوير الأنشطة بشكل تكاملي بتلاحم جهود الفرق المعنية عبر آلية تضمن استمرارية العمل، وتتجنب فردية النتائج، ويندرج ضمن الهيكل التنظيمي للبرنامج فريق التنسيق والمراجعة، بهدف التنسيق بين الفرق الفنية والمساندة، ومراجعة مخرجات الأنشطة. كما يضم الهيكل التنظيمي فرقا تنفيذية مؤقتة من الجهات المعنية لتنفيذ الأنشطة وفق آلية عمل مشترك لضمان المعالجة الآنية للمعوقات والتحديات. والبرنامج يحرص أن تكون جميع الجهات الحكومية المعنية ممثلة في الفرق الفنية المكلفة بتطوير الأنشطة، ويشارك حالياً في تطوير الأنشطة أكثر من 150 عضواً عاملاً، يتوزعون على 10 فرق فنية، يمثلون أكثر من 30 جهة حكومية وغير حكومية، ويرتفع العدد إلى آلاف المشاركين عند تنفيذ تلك الأنشطة، مبينا ان القطاع الخاص يشارك، ممثلاً بالموردين، والموزعين، والمصنعين المحليين والعالميين، في تطوير الأنشطة، للاستفادة من خبراتهم، لمواجهة التحديات التي قد تواجه مرحلة التنفيذ.