هنالك طريقتان للنظر في مبلغ 154 مليون دولار الذي دفعه كل من بنك باركليز وبنك كريدي سويس من أجل تسوية الادعاءات بأنهما ضللا العملاء فيما يتعلق بالطريقة التي تعمل فيها المجاميع المعتمة لديهما. (المجاميع المعتمة هي مبالغ من السيولة لتداول الأوراق المالية على منصات خاصة غير متاحة للجمهور وبالتالي فهي تفتقر إلى الشفافية). الطريقة الأولى هي في النظر في ذلك المبلغ والاستنتاج بأنه لا شيء مقارنة مع المبالغ الكبيرة التي أنفقتها المصارف الكبرى على تسويات القروض العقارية، حيث تكون الشيكات بمبالغ من تسعة أصفار أمرا شائعا. لكن الطريقة الأخرى هي في مقارنة ذلك الرقم مع المبالغ التي تحققها المصارف من خلال المجاميع المعتمة، وقد يكون السؤال للكثيرين هو: هل يستحق ذلك العناء حقا؟. لا تقوم المصارف عادة بإعطاء التفاصيل الجزئية بخصوص مبالغ الإيرادات التي تولدها أنظمة التداول البديلة، بدلا من ذلك تقوم بخلطها ووضعها تحت فئة عامة من أجل أعمالها التجارية المتعلقة بالأسهم. في عام 2014، قدر لاري تاب من شركة البحوث تاب جروب بأن التداولات المتطابقة في أعلى 3 مجاميع معتمة كانت مرتبطة مع حوالي 800 مليون دولار من العمولات. مع ذلك، نظرا لأن السماسرة الذين يمتلكون هذه المجاميع المعتمة كانوا سيتلقون معظم هذه الرسوم على أية حال، إلا أن قيمة المواقع التجارية نفسها تنبع من رسوم وتكاليف صناعة السوق التي تم تجنبها عن طريق عدم الاضطرار إلى دفع الرسوم للبورصات العامة أو غيرها من الأسواق البديلة. من خلال هذه الحسابات، استنتج تاب أن الإيرادات السنوية الكلية في أعلى 3 مجاميع معتمة كانت قيمتها أقل من 60 مليون دولار وعلى الأكثر 90 مليون دولار. تلك الأرقام ربما لم تتغير بشكل كبير. بدأت شعبية المجاميع المعتمة بالارتفاع قبل حوالي عقد من الزمن في الوقت الذي أصبحت فيه أسواق الأسهم أكثر حوسبة، وسعى المستثمرون المؤسسون للعثور على طرق لنقل كميات كبيرة من الأسهم في الخفاء - بعبارة أخرى دون تنبيه بقية السوق. كما وصفتها مقالة نشرتها بلومبيرج نيوز في عام 2006: "نظرا لأن معظم الأسعار والعروض تظهر في بورصة نيويورك وبورصة ناسداك، فإن التداول في أي بورصة هو أشبه بلعب البوكر بأوراق لعب مكشوفة". لذلك، بدأت المصارف في إجراء التداولات داخليا من خلال أنظمتها الخاصة بها، ما يقلل من الرسوم التي تدفعها للبورصات ويحشد الأعمال لسماسرتهم الذين يديرون تلك المجاميع المعتمة. لفترة طويلة، كانت تعمل دون الكثير من التمحيص والتدقيق التنظيمي. لكن هذا تغير بسرعة بسبب تزايد عدم الثقة في السوق الإلكترونية الحديثة خلال حقبة ما بعد "شباب التداولات الخاطفة". في العام الماضي، وافقت مجموعة تكنولوجيا الاستثمار للمجاميع المعتمة غير المصرفية على دفع مبلغ 20.3 مليون دولار بعد أن اطلع مكتب تداول الملكية الخاص بها على طلبات العملاء واستفاد منها للتداول لمنفعته الخاصة، من بين مخالفات أخرى، ودفع بنك يو بي إس مبلغ 14.4 مليون دولار بسبب عدم الكشف عن الطريقة التي تعمل فيها المجاميع المعتمة لديه. في التسويات التي أعلن عنها الأسبوع الماضي، وافق بنك باركليز على دفع مبلغ 70 مليون دولار للجنة الأوراق المالية والبورصات وللنائب العام في نيويورك إيريك شنايدرمان بسبب تشويه طريقة رصد التداولات عالية التردد. أما بنك كريدي سويس، الذي كان متهما من قبل شنايدرمان بتمرير الطلبات إلى المجاميع المعتمة لديه في حين أنه قال للعملاء إنه لا يعطي الأولوية للمواقع، فسوف يدفع مبلغ 84.3 مليون دولار. من المرجح اتخاذ إجراءات إضافية ضد المصارف الأخرى، بحسب ما قال شنايدرمان وأندرو سيريسني، مدير الإنفاذ في لجنة الاوراق المالية. بسبب مئات الصفحات من القواعد التي تحكم تداول الأسهم الحديثة، من السهل تخيل أحد المجاميع المعتمة وهو يقوم بخرق إحدى هذه القواعد دون حتى أن يحاول ذلك. ربما كانت أساليب التسويق ذات مرة شيئا على غرار "استخدم شركة الوساطة المالية التي تريد، فلدينا أحد المجاميع المعتمة ويمكن توفير الأمان لك من المفترسين الذين يعملون بالكمبيوتر". لكن مع كل هذا الغموض الذي يحيط بهذه المجاميع هذه الايام، فإن هذا يجعلك تتساءل وتقول أليس من الأفضل أن تكون دعاية التسويق على النحو التالي: "يمكنك الوثوق بشركة الوساطة المالية، فليس لدينا مجاميع معتمة".