شعوب العالم الإسلامي يشكِّلون أمة واحدة هي الأمة الإسلامية. وانطلاقاً من الدين والقرآن والسنة واتباعاً للرسول صلى الله عليه وسلم فإنَّ جميع المسلمين يتَّجهون يومياً في صلواتهم إلى الكعبة المشرفة (قبلة المسلمين). وحدة الدين ووحدة المرجعية (القرآن والسنة) ووحدة القبلة تفرض (وأقول تفرض) على المسلمين أخوةً لا تنفصل مهما تباينت الأفكار وتعدَّدت الحاجات واختلفت الرؤى بين الشعوب. الإسلام دين يرتكز على أسس لا فكاك منها: الله وحده هو الذي أنزل الدين على محمد وسمَّانا المسلمين. والرسول -بأمر الله- دعا الناس إلى عبادة الله وحده على بصيرة «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ»، وحذَّر الأمة من التَّعصُّب والتَّشدُّد فالدين (يسر لا عسر). والمجتمع الإسلامي مجتمع متكافل متعاون فالمسلم أخو المسلم لا يخذله. على القرآن والسُّنة قامت المملكة العربية السعودية، واعتمدت خدمة الحرمين الشريفين أولوية وطنية. وخدمة الحرمين هي خدمة لكل مسلم يؤدي فريضة الحج أو يقوم بالعمرة أو زيارة المسجد النبوي الشريف. وعملت بلادنا منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- على ترسيخ الأخوة الإسلامية مع المسلمين من خلال مؤازرة الشعوب الإسلامية التي سعت للتخلص من الاستعمار، والمساعدة على دفع مسيرة التنمية، ناهيك عن الدعم السياسي لكلّ بلد في المحافل الدولية والإقليمية. وتأتي إيران في مقدمة الدول التي سعينا للتفاهم معها مباشرة، ومن خلال منظَّمة التعاون الإسلامي، ومنظمة الدول المصدِّرة للبترول (أوبك) ولا غرابة في هذا السلوك السعودي الرصين فإيران جار نتشارك معه الحدود البحرية، وهي قبل ذلك دولة مسلمة. وبالرغم من ذلك فإنَّ إيران لا تزال تسعى إلى منابذة الجار العربي المسلم، ولا تزال تحتل الجزر العربية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) التي احتلها نظام الشاه عشيَّة حصول دولة الإمارات العربية المتحدة على استقلالها. ودأبت إيران على سياسة المنابذة للعرب (وأقول العرب) من خلال إحياء النزعة الفارسية العدوانية، بالرغم من أنَّ إيران تتقاسم معنا الحقبة التاريخية النبيلة منذ وصول الإسلام إلى ديار فارس وانضمام الجميع تحت راية الإسلام. وقامت الثورة الإيرانية ضد الحكم الشاهنشاهي (الملكي) عام 1979م واستبشرنا بذلك سيما وأنَّ الثوار أطلقوا على بلادهم مسمى (الجمهورية الإسلامية الإيرانية) وأنها تسعى لتحقيق العدالة والمساواة. ومرةً أخرى صدمنا الحكام الجدد (في الجمهورية الإسلامية) بالتدخل السافر في الشؤون الداخلية لجيرانهم العرب (وهذا ما لا ولن ترضاه بلادي المملكة العربية السعودية) سعياً إلى تصدير الثورة، واستمرت الجمهورية (الإسلامية) في احتلال الجزر العربية، بل والسعي إلى فرسنتها (من فارس) وخانت الجمهورية (الإسلامية) مبدأ المساواة (الديموقراطية) في داخل بلادها مع الإيرانيين من غير الأصل الفارسي، ومع الإيرانيين السُّنَّة. وبدل التعاون والتكاتف مع الجيران العرب بحكم أن المسلمين كلّهم بجميع أجناسهم ولغاتهم كالجسد الواحد، عمدت إيران (الإسلامية) ولا تزال إلى نشر الفوضى وعدم الاستقرار لدى الجيران العرب. أمَّا فلسطين القضية فكما كانت فكرة غريبة أيام الشاه فهي ما زالت كذلك أيام الجمهورية الإسلامية ما عدا الأناشيد والشعارات التي تخدم الجمهورية ولا تنفع القضية ولا الفلسطينيين. وبمقارنة بسيطة نجد جارتنا (الإسلامية) تصبِّحنا كل يوم بمنابذة جديدة، ونبذ جديد. سوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا بلاد عربية مسلمة والوجود الإيراني فيها لا يخدم (الإسلام) ولا يساعد تلك البلاد على فكِّ الاحتراب الداخلي فيها، أو مكافحة المرض، ولا على تقدم العلوم والمعارف. الشعب الإيراني بالنسبة الينا هو شعب مسلم وجار لنا نتمنى له التقدُّم في مجالات الحياة المعاصرة، والعيش بسلام.. فبقدر ما نفخر بالإنجازات الطبية في بلادنا وبأبنائنا الأطباء مثل عبدالله الربيعة، وراشد الفقيه وخولة الكريع، وعبدالله عبدالقادر نفخر بالطبيب الإيراني مسلم بهادري. واذا ذكرنا مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية فإننا نقدِّر جهود إيران العلمية (السلمية).. واذا ذكرنا المتنبي وأحمد شوقي ومحمود درويش فإننا نقرأ للعالم الشاعر عمر الخيام والمبدع أحمد شاملو. وإذا وقفنا من أجل بلادنا خلف قائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -نصره الله- فإننا نتمنى أن تثوب إيران (الإسلامية) إلى رشدها وتنضم لمسيرة التنمية والمساواة والتعاون تحت راية الإسلام.. ومع المسلمين. والختام أبيات اقتبستها من صديقي الشاعر الفلسطيني العربي المسلم مصطفى أبو الرز وقد أبدعها -حفظه الله- على لساني: موطني في الهجير قد كنت ظلاًّ ومن الشرِّ واقياً والكروب موطني في الشباب أخلصت ودِّي (وسيبقى لك خالصاً) في المشيب لك عهد يا موطني ليس يفنى دفق حبِّي إلى ثراك الحبيب