يحدث كثيرا أن نقتني شيئا حتى يصيبنا النفور منه ونقلب له ظهورنا بحثا عن شيء آخر، ثم نجد منتجا جديدا فيتجدد شعورنا بالتوق لامتلاكه؛ ظنا بأنه يمتلك مصباح علاء الدين الذي سيخرج منه ذلك المارد، ومع استمرار إدمان التكديس تبدأ أكوام الأشياء المتراكمة بمنع نور الحياة من التسلل إلى داخل الروح. لقد أدت الحضارة الصناعية إلى امتلاء النفس بمشاعر العبث والخواء الروحي، حيث أصبح الفرد حاليا يسعى لسلوك الدرب الأقصر، عبر اللجوء إلى الاستهلاك كعلاج سريع للمشاكل، عن طريق تجديد المشاعر بالبهجة الاستهلاكية قصيرة المدى وادمان شراء سلع جديدة. إن كنت تعاني من النهم الاستهلاكي فسوف تتوق دوما للمزيد ولن تتخلص من قلق عدم الاكتمال حتى لو حصلت على ما تشتهي. فاعتقادنا بالحاجة الى كل هذه الأشياء الخارجية لنكون أسعد هي دليل على أننا محكومون من الخارج وليس من داخلنا، وأنه يمكننا إشباع هذا العجز وعدم الاكتمال عن طريق تملك المزيد من الأشياء، فهي مكيدة لا نهاية لها، ولا يمكننا الهروب منها طالما أننا نشعر بأن تملك الأشياء سوف يملأ هذا الفراغ. سبب وجود هذه الفجوة؛ يرجع إلى أفكار مقيدة أو مربكة تشعرنا باللا جدوى، بيد أننا نستطيع التخلص من مثل هذا الشعور بالتركيز على تفكيك وهم الكمال الدنيوي، ومعرفة أننا لا نستطيع أبدا أن نملك كل ما نشتهي، والغريب الجميل هو أنه عندما نتوقف عن مطاردة الأشياء نجد أن كل ما أردناه في حياتنا متاح أمامنا. كل شيء تركز عليه بأفكارك يتمدد ويزداد، فإذا قضيت وقتا طويلا وأنت تركز على ما ينقصك ويزعجك فهذا ما سوف يزداد حولك، ولكن عندما تجرب أن تكون شاكرا وتتدرب على تقديم الشكر لكل شخص وكل شيء يقابلك تصبح حياتك في نعيم متزايد، كلمة السر هي التوقف عن التركيز على ما لا نملكه ونحول إدراكنا إلى تقدير ما نحن عليه وكل ما نملكه؛ لأن الانتصار في مجاهدة النفس هو في التخلص من عبودية الأشياء، فالسعادة يجري قياسها عن طريق عملية الطرح وليس في خانة الجمع، وحب الله يعني إفراغ المنزل الداخلي حتى يتمكن الضياء من التسلل إليه.