الصين في فورة تسوق. يوم 12 يناير، اشترت داليان واندا، شركة التطوير العقاري الصينية، السيطرة على شركة ليجيندري إنترتينمنت لإنتاج الأفلام في هوليوود، مقابل 3.5 مليار دولار. بعد ذلك بثلاثة أيام فقط، استحوذت شركة الأجهزة العملاقة هاير على قسم السلع المنزلية البيضاء (مثل الغسالات والثلاجات) في جنرال الكتريك مقابل 5.4 مليار دولار. هاتان الصفقتان هما مجرد قطرة في سيل جارف من الإنفاق الصيني في الخارج. بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر من الصين 111 مليار دولار في عام 2015، حسب أحد التقديرات - أكثر 10 مرات من قبل عقد من الزمان. بالنسبة لكثير من الشركات الصينية، يبدو أن عمليات الاستحواذ لها ما يبررها. بتشجيع من الحكومة وبما لديها من نقدية وافرة، لديها القوة المالية للشراء من السوق العالمية ما ينقصها حاليا: التكنولوجيا، والحصة السوقية، والعلامات التجارية، والمهارات الإدارية. لماذا تقوم بالأشياء بالطريقة الصعبة - الاستثمار في البحث والتطوير، ورعاية العلامات التجارية، وبناء شبكات البيع - عندما يمكنك فقط كتابة شيك لشراء هذه الأشياء على الجاهز؟ لكن التاريخ يعلِّمنا أن الموضوع ليس بهذه السهولة. في الثمانينيات، الشركات اليابانية العملاقة، التي تسبح أيضا في بحر من الأموال الرخيصة، اقتنصت الشركات الأجنبية والأصول الثمينة - أشهرها مركز روكفلر في نيويورك - ولكن في كثير من الحالات الصفقات كانت مكلفة أكثر مما ينبغي، وهناك سوء إدارة فظيع. «إن المنطق الاستراتيجي»، على حد تعبير إحدى الشركات الاستشارية «كان غامضا في أحسن الأحوال، لا يزيد على كونه مجرد شعور بأن الصفقة جيدة، ولأننا نستطيع أن نفعل ذلك». في التسعينيات، الشركات الكورية التي حاولت اكتساب طريقها إلى الأسواق العالمية تعلمت أن القول المأثور القديم - «أنت تحصد ما تزرع» - هو صحيح أيضا. طعنة سامسونج المضللة في سوق الكمبيوتر الشخصي العالمي - حيث اشترت الشركة المعتلة "AST للأبحاث" - انتهت بخسائر فادحة. إل جي تحقق نجاحا فقط أفضل قليلا مع استحواذها على شركة الالكترونيات الأمريكية المتعثرة زينيث، التي لا تزال قائمة ولكنها لم تصبح منبرا للتوسع الدولي. صفقة هاير- جنرال إلكتريك لديها بعض أوجه التشابه غير المريحة. بعد ما يقرب من عقدين من الكفاح، لا تزال هاير تعاني في سبيل إحراز تقدم في السوق الأمريكية. شراء القسم التابع لجنرال إلكتريك يحولها على الفور إلى لاعب أساسي. ولكن الثمن يعتبر شديدا: هاير تدفع حوالي ملياري دولار زيادة عما كانت قد تعهدت به منافستها الكترولوكس في وقت سابق، في صفقة تعطلت بسبب المخاوف التنظيمية. مع فقط 400 مليون دولار في الأرباح (قبل الفوائد والضرائب والإطفاء والاستهلاك) على 5.9 مليار دولار من الإيرادات في عام 2014، أعمال جنرال إلكتريك هي بالتأكيد ليست ذات هوامش عالية. وعن طريق الحفاظ على أعمال جنرال إلكتريك باعتبارها شركة مستقلة مع إدارة خاصة بها، هاير قد تفقد بعضا من أوجه التآزر والوفورات المحتملة من عملية الدمج المذكورة. لنتذكر، أيضا، أن هذه الأصول تباع لسبب ما. أعمال الأجهزة الكهربائية على الطراز القديم لا تناسب استراتيجية جنرال إلكتريك في المستقبل. في هذا المعنى، صفقة هاير تستدعي إلى الأذهان عملية شراء لينوفو لوحدة الحاسب الشخصي التابعة لشركة آي بي إم في عام 2005. وبعد بعض المشاكل الأولية في إدارة الشركة المجتمعة، جعلت لينوفو ذلك ينجح في نهاية المطاف - لتصبح الشركة الأولى في صناعة الكمبيوتر الشخصي في العالم - ولكن في صناعة آخذة في التراجع. شحنات الكمبيوتر تقلصت بنسبة 8 في المائة في عام 2015. لكن استثمار واندا في ليجينداري للأفلام يستدعي إلى الذاكرة عملية شراء سوني لكولومبيا بيكتشرز في عام 1989. اعتقدت سوني أنها بحاجة إلى شركة لإنتاج الأفلام السينمائية لتعزيز العروض الترفيهية، ولكن مسؤوليها التنفيذيين، الذين يعتبرون أكثر دراية بصناعة أجهزة التلفاز من معرفتهم بما يعرض على تلك الأجهزة، ويتقاضون أجورا عالية للغاية، فشلوا بعد ذلك في إدارة كولومبيا، وعانت في نهاية المطاف من خسائر بمليارات الدولارات. لذلك من المنطقي أن نتساءل ما إذا كان وانج جيانلين، رئيس مجلس إدارة واندا - الذي أسس ثورته على تطوير أبراج الشقق السكنية ومراكز التسوق، وليس الأفلام - يسمح لغروره المتضخم وثروته الطائلة بالوقوف في وجه إدارة الأعمال الجيدة. الأجيال السابقة من الشركات الآسيوية تعلمت من أخطائها. والشركات الصينية سوف تتدبر أمرها على الوجه السليم أيضا. لكنها في خلال ذلك يمكن أن تخسر مليارات الدولارات.