يحكى عن أحد المفكرين أنه علّم خادمه أن يوقظه كل صباح في فراشه وهو يقول: (انهض سيدي.. فإن أمامك مهام عظيمة لتؤديها للبشرية), فيستقيظ بهمة ونشاط ممتلئاً بالتفاؤل والأمل والحيوية, مستشعراً أهميته وأهمية وجوده لخدمة الحياة التي تنتظر منه الكثير والكثير. المدهش في الأمر أن هذا المفكر لم يكن لديه عمل مصيري خطير ليؤديه سوى القراءة والتأليف, لكنه كان يؤمن بالهدف الذي يكتب من أجله. قيمتك كإنسان تتضح أكثر عندما تقيسها بالأرقام, بإمكانك أن تقيس إنتاجك اليومي أو ما تبذله من أجلك ومن أجل الآخرين, قِس على ذلك أيضاً ما تجنيه من ثمار سعيك الأخروي والدنيوي وعطاؤك غير الربحي, من المؤسف جداً أن يكون نتاج ذلك كله يساوي «صفرا» وبذلك تخسر قيمتك في معادلة الحياة. تعلّم أن تنهض عندما يترقب كبوتك الآخرون.. تعلَم أن تُقدّم الأفضل عندما يجرؤ على تثبيطك السلبيون.. أن تتراجع عندما يتقرّب منك المراوغون.. أن لا تكن سُلماً يتسلّق على كتفك المُتملِقون.. ادرس الفكرة جيداً قبل طرحها.. راجع كلماتك قبل إطلاق صراحها.. ابحث عن ضالتك حتى تجدها.. كن سيد الموقف أنت وقدَم ما يليق بك لتُسجَل أصعب الأرقام ولتحصد ما هو محال من النتائج؛ لم يخلق الله لك قلباً وعقلاً عبثا, بل لتسعى للتسوية بين كفتيهما, إياك والتراخي في المواقف تلك التي تستدعي الحزم من قِبلك, وإياك والتجرد من عواطفك حين تناديك إنسانيتك ومروءتك, كن أسداً بطلاً مغواراً تتصدّر قوائم النزال مع نفسك الضعيفة وأهوائها ومع من يدعوك للرذيلة ومنزلقاتها. يمكننا بالفعل أن نحقق أرقاماً صعبةً لم يحققها أحد من ذي قبل فقط عندما نؤمن أننا هنا لسبب.. عندما نؤمن أننا قادرون على بناء عالمٍ أفضل معا.. عندما نؤمن بذواتنا وبقدراتنا الخارقة التي وهبنا الله إياها.. عندما نؤمن أنه بإمكاننا أن نكون الضوء بالنسبة لأشخاص آخرين، عندما ننتقي عوالمنا الخيالية كما ننتقي عوالمنا الواقعية، العالم لا ينتظر منك أن تكون مخترعاً أو عالِماَ جديداً, فلعل جملة مهاراتك ومواهبك لا تسير في ركب المخترعين وعباقرة العلم، لكنك أبداً لن تُعدم موهبة أو ميزة تستطيع أن تقدم من خلالها للأمة خدمات جليلة.