أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد أن النعمة الحقيقية بعد حفظ الدين هي نعمة الصحة والأمن ورغد العيش الذي يعيشه أهل البلاد. وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في المسجد الحرام أن هذه الدولة غنية وقوية تسعى لترشيد الإنفاق وكفاءته وليس لتقليله أو تقليصه، فالتنمية مستمرة والمشاريع قائمة مع إصلاحات اقتصادية ومالية واستشراف للمستقبل وترسيخ للدور الرقابي، مشيراً إلى أنه ليس ضامناً للأمن إلا العلاقة الوثيقة بين الدولة والأمة المبنية على السمع والطاعة والنصح والرضا والشكر والاعتراف بنعم الله الوارفة والحذر من الإسراف والتباهي. وبين فضيلته أن المتأمل والمتابع لما يدون في مواقع التواصل الاجتماعي وما تطفح به وسائل الإعلام من عبارات التندر وصور الاستهانة والغفلة يلاحظ من مسالك بعض الناس من صور البطر ومظاهر الإسراف والمباهاة والتفاخر، قد يكون ذلك كله مؤشرا على كفران النعم واستبلاء الغفلة في عبارات وتدوينات وتعليقات وتجاوزات في تكبير للصغير وتصغير للكبير، يتتبعون النقائص ويتصيدون الأخطاء وقد يكذبون مئات الكذبات ويثيرون ألوان الإثارات، خاصة إذا كانت مثل هذه الإثارات والتعليقات تتعلق بهذا البلد المبارك، وهذا المجتمع الطيب، موضحا أن المسؤولية والحذر والشكر كلها تقتضي النظر والتفكير والتدبر. وخاطب الشيخ ابن حميد الجميع في هذه البلاد المباركة قائلاً: "لا تقتلوا أنفسكم ولا تمزقوا مجتمعكم ولا تكفروا نعم ربكم ولا تهزوا استقرار وطنكم بانفعالات وتغريدات مهلكة، حافظوا على اتزانكم والتزموا براقيات المبادئ وشامخات القيم"، مؤكداً أنه في مثل هذه الظروف يجب أن يشرق نور التلاحم وتتلاشى ظلمات المشاحنات وتتجلى مظاهر الشكر والإحسان في الصرف والترشيد في الانفاق. وأوضح أنه من الجميل أن يعود المجتمع على نفسه بالنقد والمحاسبة، فكما تنقد الدول والحكومات تنتقد الشعوب والمجتمعات، وإن من واجب الشكر والاعتراف بالنعم أن يستشعر الجميع الحفاظ على هيبة الدولة التي تريد بكل جدية وحزم وصرامة فرض الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب وكل من تسول له نفسه زعزعة الأمن أو تكدير صفو عيش الناس، لافتا إلى أنه من الجميل لدى العاقل المتبصر الذي يشكر النعم ويخشى حلول النقم أن يقارن بين ما تبذله الدولة في سبيل عزة الأمن وقوتها والدفاع عنها وعن دينها ومقدساتها ومحاولات النيل من مكانتها وقوتها وبين بعض مظاهر الإسراف في بعض الناس في مأكلهم ومشاربهم وملابسهم ومراكبهم في صور من البطر والمبالغات والمفاخرات، والتي يخشى منها زوال النعمة وتحول العافية وفجاءة النقمة وحلول السخط. وأبان فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن المتابع قد أدرك أن عواصف الحزم ورايات الأمل هي التي تجسد مصالح الأمة الحقيقية، وقال إن عاصفة الحزم دللت على أن هذه الدولة خلال عقود -ولله الحمد- قد بنت قدرات بشرية وكفاءات وطنية ورجالات أشاوس في مختلف القطاعات والتخصصات، مشيراً إلى أنه مشروع بناء دولة قوية ضاربة الجذور تقف دون أطماع الطامعين وأحلام الحالمين وتحول دون من يخطط من أجل تمزيق هذا الكيان إلى دويلات متفرقة متناحرة، كما يفعلون في بعض دول الجوار، مؤكداً أن هذه الدولة المباركة دولة كبيرة غنية -بفضل الله- قادرة -بإذن الله- على حماية نفسها والمقيمين على أرضها وفيها كفاءاتها ورجالها، وتدير حرباً ضروساً ضد أعداء الأمة والإسلام -بتوفيق الله- من خلال مصداقيتها وما كتب لها من قبول.