قال الدكتور صالح بن عبدالعزيز العمرو استشاري طب وجراحة العيون أستاذ كلية الطب بجامعة الملك سعود سابقاً، إن الإصابة بمرض السكري النوع الثاني ازدادة بشكل ملحوظ في المملكة في العقود الأخيرة لدرجة يمكن وصفه بأنه «وباء»، حتى أصبحت المملكة من أكثر الدول إصابة به في العالم، لافتا إلى أن نسبة الإصابات بلغت نحو 25 % أي واحد من كل 4 أشخاص فوق الأربعين مصابا بالسكري. وأكد أن الإصابة بمضاعفات السكري على العين بلغت أكثر من 60% من مرضى السكري ممن تجاوز المرض عندهم 10 سنوات وتزداد هذه النسبة بشكل حاد عند تجاوز مدة المرض عشرين سنة، مؤكداً أن اعتلال الشبكية السكري السبب الرئيس لفقد البصر الذي يمكن منعه وذلك عند الفئة العمرية النشطة في المجتمع أي بين عمر 30 إلى 60 عاما. وأرجع الدكتور العمرو ذلك بسبب "تغيير نمط الحياة حيث انعدم النشاط البدني فأصبحنا نستخدم السيارة حتى في ذهابنا إلى المسجد القريب من البيت، وعكوف أولادنا على الألعاب الإلكترونية عوضاً عن الألعاب الحركية، وانتشار ثقافة التغذية السيئة في مجتمعنا من مطاعم الأكلات السريعة والاستعمال المفرط للمشروبات الغازية وانعدام قائمة طعامنا من الأكل السليم من بر ونخالة وأسماك وخضار وفواكه، حيث أدى ذلك إلى انتشار السمنة المفرطة والأمراض المصاحبة لها من سكري وضغط وزيادة مستوى الدهون بالدم". وأضاف: السكر المرتفع يجري في الدم وعليه فإنه يذهب إلى جميع أعضاء وأنسجة الجسم، ولا يوجد مرض يؤثر على جميع أعضاء الجسم مثل داء السكري، ويؤثر السكري بشكل رئيس على الأوعية والشعيرات الدموية فيؤدي إلى تهتك جدرانها وترشيح للسوائل والدهون التي بداخلها، فينتج عنها ارتشاح الأنسجة المصابة وكذلك يؤدي إلى ضيق وإغلاق هذه الأوعية ونقص أو انعدام التروية وتلف الأنسجة المصابة. كذلك يؤدي السكري إلى تلف الأعصاب الطرفية والمركزية. والأعضاء الرئيسة التي تتأثر بالمضاعفات المزمنة لمرضى السكري هي الكلى والعيون والأطراف والقلب والمخ والأعصاب، فنجد العمى والفشل الكلوي وبتر الأطراف من متلازمات السكري المزمن غير المنتظم. ولفت الدكتور صالح العمرو إلى أن السكري يؤثر في العين وعلى جميع أنسجتها فيؤدي إلى الإصابة المبكرة بالماء الأبيض (الساد) وارتفاع الإصابة بالماء الأزرق (الجلكوما)، والالتهابات المتكررة لسطح العين واحمرارها، وشلل أعصاب العين، إلا أن تأثيره على شبكية العين (الجزء العصبي داخل العين) أو ما يعرف ب (اعتلال الشبكية السكري) هو الأخطر حيث يؤدي إلى فقدان تدريجي لحدة النظر والقدرة على القراءة وانعدام تمييز الألوان بسبب الرشح وترسب الدهون في مركز الشبكية (الماكيولا)، وكذلك يؤدي إلى قلة التأقلم في الظلام وعند الإضاءة العالية ويؤدي إلى فقدان مفاجئ للنظر بسبب حدوث نزيف حاد داخل العين (في السائل الزجاجي) أو حدوث انفصال لشبكية العين، وكل هذه الأعراض تحدث بدون الشعور بألم. وأبان: الحقيقة التي يجب معرفتها أن اعتلال الشبكية السكري يمر بعدة مراحل وفي بدايته لا يشعر المريض المصاب بأية أعراض، وعند شعور المريض بنقص النظر فهذا يعني أن مضاعفات السكري على العين قد وصلت مرحلة متقدمة، وعليه فإنه يجب الكشف المسحي على كل مريض سكري من النوع الثاني عند تشخيص المرض وخصوصاً الكشف على شبكية العين بعد توسيع الحدقة، ثم كل سنة إذا كانت العين سليمة من تأثير السكري، وذلك أن الاكتشاف المبكر لاعتلال الشبكية السكري يجعل العلاج أسهل وتكون النتائج مرضية وبمشيئة الله يمكن منع نقص النظر أو العمى السكري. وشدد على أن اعتلال الشبكية السكري يكون بدون ألم وهذا ما يؤدي إلى تأخر المريض في الذهاب إلى الطبيب فيزيد من المضاعفات من حيث لا يدري. وأشار أن المريض يستطيع وبكل سهولة منع فقدان النظر والعمى الناتج عن السكري وذلك بضبط مستوى السكر بالدم وكذلك السيطرة على الأمراض المصاحبة له وخصوصاً ارتفاع ضغط الدم والدهون. ونوه أن على مريض السكري ضبط معدل الهيموجلوبين السكري (معدل السكر التراكمي) أقل من 6,8 وضغط الدم أقل من 130/ 85 وضبط مستوى الدهون بالدم فلن يصاب بأية مضاعفات لداء السكري أبداً بإذن الله. ونبه الى أنه وحتى عند الإصابة باعتلال الشبكية السكري فإن طرق العلاج قد تطورت كثيراً فبالإمكان استخدام العلاج بالليزر المركزي أو الشامل وكذلك الحقن داخل العين باستعمال مواد مثل الأفاستين أو اللوسنتس أو الآيليا وذلك للسيطرة على الرشح والاحتقان ومنع النزيف من الأوعية الدموية الجديدة. وفي الحالات المتقدمة منع حدوث انفصال الشبكية السحبي أما عند حدوث هذه المضاعفات فيلزم إجراء العمليات الجراحية الدقيقة لاستعادة النظر أو على الأقل جزء منه. وأشار إلى أن سيطرة المريض على مستوى السكر بالدم وعلى ضغط الدم والدهون تفيد جداً في حماية العين ومنع العمى السكري وكذلك في العلاج حيث يعمل على تقليل الحاجة إلى استخدام علاج الليزر وعدم تكرار استعمال الحقن داخل العين لعلاج هذه المضاعفات، ناصحا بأهمية العناية بما يعرف بالمثلث العلاجي للسكري للعيش بدون مشكلات سكرية، والمثلث هو الحمية والسيطرة على الوزن، الرياضة والسيطرة على مستوى السكر بالدم، الحفاظ على العلاج.