في مشهد "دراما تشكيلي" ضم فنانين وفنانات اجتمعوا على الفكرة وتعاونوا على إنجازها تشكيلياً في قالب فني معاصر وفي إدراك بصري وحسي كان هوية لأعمالهم وجواز سفرهم إلى الآخر فكراً وفناً، وذلك في "شارع الرسامين" بمدينة جدة التاريخية الذي عكس تطور الفن التشكيلي، ليس محليا فقط بل امتد ذلك عربيا بعد ان جمع اعمالا لمختلف الجنسيات؛ ليتعدى بذلك تقديم الفن التراثي الحجازي إلى تبني قضايا عربية محورية هامة. وتأتي أهمية هذا التجمع كما يصفه الفنان ايهاب الحداد (مدير شارع الرسامين) ليس من جانبه الزمني والذي يصادف مهرجان جدة التاريخي وحسب، وإنما لاحتوائه على عدد من الفنانين الشباب الذين يعتبرون نجوما رغم صغر أعمارهم؛ لما يحملونه من خبرة في التكوين والتشكيل، الأمر الذي يبشر بجيل قادم يسهم في تقدم الحركة التشكيلية بالمنطقة. وجع الحرب وبوجهة نظر مختلفة للأزمة السورية من خلال العقول الإبداعية لأولئك الذين يعيشونها وفق منظور مختلف لكنهم يلتقون حول رؤية موحدة مفادها أن الحرب دمرت وطنهم، شاركت الفنانة السورية بشرى الخطيب بعدد من اللوحات التي تحاكي اوجاع الحرب السورية، فيما ترى "الخطيب" بأنه لا يمكن فصل الفن عمّا يجري في المجتمع السوري الذي يمر بكثير من التحولات ويدفع الثمن من دماء أبنائه وممتلكاتهم، فالفنان حساس يمتص وجع مجتمعه ويعبر عنه بألوانه وريشته. تقارب فني وتقول الفنانة مجدولين عن مشاركتها: كم هو رائع اجتماع الفنانات التشكيليات والفنانين تحت تحت مظلة مهرجان جدة التاريخي خاصة أن الهدف من المشاركة خلق فضاء مشترك لعرض عدد كبير من إبداعات فنانين محترفين ومواهب شابة بقصد تبادل الخبرات والتجارب وترسيخ سياسة التقارب الفني عبر عرض كل صنوف وأشكال الفن التشكيلي. فيما تؤكد الفنانه ضحى بترجي من خلال اعمالها تعلقها بمدينة جدة القديمة التي عاشت بها منذ نعومة اظافرها، فتحدثت لوحتها عن جدران بيوتها القديمة ورواشينها والحياة الشعبية التراثية منبثقة من حاراتها القديمة. لمحات حجازية الفنانة عائشة عثمان تقول عن مشاركتها الاولى: إن محور أعمالها التشكيلية جاءت من خلال افتتانها بمدينة جدة القديمة بحواريها وازقتها وبيوتها وابوابها؛ ما جعلها تستخدم تشكيلا مغايرا بخطوط لينة وتشكيل مبسط ضمن فراغ ذي إيقاع متزن، إضافة لإدخال رموز خاصة. إدراك بصري من ناحية اخرى يرى التشكيلي محمد فوزي أن الفنان بقدر ما يكون مخلصاً لمشاعره الخاصة بقدر ما يكون خازناً للأشكال التي لا تنفصل عن بيئته، وهو ما جعل هذا المعرض يقدم فنا معاصرا بروح محلية، فيما لوحاته التي قدمها هي بمثابة التوثيق لأحاسيسه ومشاعره ومشاهداته الخاصة التي تتحدث عن قضايا انسانية. أما لوحات الفنان ياسر الجفري فركزت على إبراز البيت الحجازي الذي تتسم به بيوت جدة التاريخية باعتبارها تحفة معمارية تعكس ثقافة سكان تلك المباني، كما وصفت رسوماته أيضاً شيئاً من الحياة المجتمعية التي عاشها الآباء والأجداد.