في السنوات الأخيرة، لم تكن هناك أمور كثيرة مريحة حول الاتحاد الأوروبي، حيث إنه كان يعاني من انخفاض النمو، وارتفاع معدلات البطالة، والمشاحنات السياسية وكراهية الأجانب، والبيروقراطية الخانقة والتهديدات المستمرة بتفككه. ولكن عام 2015 كان العام الذي فيه خرج الاتحاد الأوروبي من أسوأ متاعبه: لقد تم اختبار مستوى الإجهاد إلى الحد الذي يكفي لإقناعنا أنه قادر على النجاة من أي شيء والبقاء على قيد الحياة. كانت هناك ثلاثة أنواع من المحن: استمرارية منطقة اليورو، وبقاء منطقة شنغن للسفر بلا حدود، والتوتر في السياسة الداخلية وقيم الاتحاد بين البلدان الأعضاء. في كل حالة، كان الصرح يعاني لكنه بقي واقفا. وعلى الرغم من الصدمات، رجع الاقتصاد الأوروبي تقريبا إلى مستويات ما قبل الأزمة، مع تزايد فرص العمل وعودة النمو. سأتكلم الآن عن اليورو. هذا العام، ارتفع مؤشر تفكك اليورو، الذي تم احتسابه عن طريق سينتكس، وهي شركة ألمانية تقيس معنويات المستثمرين، إلى أعلى المستويات منذ إنشاء المؤشر في عام 2012. كان يبدو أن هناك احتمالا حقيقيا جدا بتفكك اتحاد العملة في فصلي الربيع والصيف، حيث قاومت اليونان محاولات دول شمال أوروبا لإرغامها على خطة إنقاذ تحت الإدارة. شخصيات لامعة مثل بول كروجمان (الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد) وهانز فيرنر سن، مستشار للحكومة الألمانية، كانت تحبذ خروج اليونان من منطقة اليورو. لكن اليونانيين لم تكن لديهم رغبة في المغادرة، واضطرت حكومتهم المثيرة للقلاقل إلى التراجع. شهدت اليونان انكماشا بنسبة 0.9 في المائة في الربع الثالث من عام 2015 بسبب الاضطرابات التي كادت أن تمزق منطقة اليورو، ويتوقع خبراء الاقتصاد انكماش الناتج بنسبة 0.7 في المائة لهذا العام. لكن اليونان تتبنى تشريعات الإصلاح الاقتصادي وتحصل على دعم لإعادة رسملة بنوكها. على الرغم من أن اليونانيين لديهم أقل رأي إيجابي أقل لأي مواطن من مواطني الاتحاد الأوروبي - 22 في المائة فقط يقولون، إنهم يحبونه، وفقا لاستطلاع يوروباروميتر في نوفمبر - فقد قبلوا مساعدات الاتحاد الأوروبي ويتجرعون ببسالة دواءه المرير. خطة الإنقاذ اليونانية الثالثة تعتبر مثيرة للجدل بصورة قبيحة، وحتى تعتبر شائنة في نظر من هم داخل وخارج اليونان على حد سواء، ولكنها دلالة على رغبة اليونانيين في الحفاظ على العملة الموحدة. من السهل أن نفهم ذلك: خسر اليورو فقط 10 في المائة من قيمته مقابل الدولار، وحصته من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية انخفضت فقط إلى 20.3 في المائة في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2015، من 22 في المائة، وذلك وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي. في حين أن عملة الكرون الدانمركية والنرويجية، وعملة الدولار الاسترالي والكندي والنيوزيلندي جميعها تراجعت أكثر هذا العام. وفي الوقت نفسه، توقع اقتصاديون في استطلاع أجرته بلومبيرج نموا اقتصاديا بنسبة 1.5 في المائة لمنطقة اليورو هذا العام - وهي أفضل نتيجة منذ عام 2011، وأقل قليلا فقط من 1.8 في المائة، وهي النسبة التي كانت متوقعة بالنسبة للاتحاد الأوروبي ككل. حتى إنه متماسك بشكل جيد جدا بالمقارنة مع الولاياتالمتحدة، والتي من المتوقع أن تسجل نموا بنسبة 2.5 في المائة هذا العام. لا شك أنه كان عاما صعبا، ولكن أوروبا تحملت وصمدت. ووفقا ليوروباروميتر في نوفمبر، 53 في المائة من الأوروبيين متفائلون بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي و41 في المائة فقط متشائمون. عند أدنى نقطة في تاريخ التكتل، والتي كانت في عام 2011، كانت نسبة المتفائلين 48 في المائة، وما نسبته 46 في المائة كانوا لا يؤمنون في الاتحاد الأوروبي. الأوروبيون لا يزالون على ثقة بالاتحاد الأوروبي أكثر مما تفعل حكوماتهم الوطنية، على الرغم من أن الثقة في السياسيين هي في أدنى مستوى لها منذ سنوات. الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الأكثر أهمية تتمتع بما يكفي من الدعم، وما يكفي من المنطق السليم المبني بداخلها، على نحو يخولها للصمود أمام منتقديها. صحيح أن الوقت الحاضر هو مناسبة للتقوقع وليس التوسع أو إجراء تقدم كبير في التوحيد - لكن أوروبا هي مشروع طويل الأمد.