كنت أسأل نفسي ما الذي يجعل الأشخاص يتعثرون في حياتهم وتمر عليهم السنوات والبعض لم يحقق ما يحلم به بالرغم من وجود الأفكار المثالية وفي بعض الأحيان الأموال والإمكانات الشخصية. في الحقيقة الوقت يسرقنا وتخطفنا سلوكيات الحياة وعاداتها ومشاغلها التي لن تنتهي وفي نفس الوقت تستهلك عواطفنا في الإحباط والقلق والاكتئاب وننسى أنفسنا ونعيش الأربع والعشرين ساعة ونحن مشغولون في إرضاء الآخرين والعمل من أجلهم ولا نستطيع أن نقول لهم في الكثير من المواقف عبارة (لا). نحن نعاني حالة من الفراغ العاطفي والإنساني ونصدق أنفسنا أننا مشغولون وأننا نفعل ما يفترض منا أن نفعله ولكن نحن نعيش حالة من فوضى الوقت ونعيش جعجعة ولا نرى طحيناً وعندما نقصر مع أنفسنا ومع الآخرين نشعر بالذنب وتأنيب الضمير ونجيب بأننا مشغولون، ولكن الحقيقة نحن مستهلكون من أنفسنا ومن الآخرين والنتيجة لم ينجح أحد. غداً أول يوم في السنة القادمة 2016 لابد من أن نقف مع أنفسنا موقف التأمل ونراجع كل سلوكياتنا وأفكارنا وعاداتنا السابقة، آخذين في عين الاعتبار أن عقارب الساعة لن تعود للوراء وأن انشغالنا بتوافه الأمور وبالحديث عن الآخرين وبالشعور بالذنب وتأنيب الضمير لن يقدم شيئاً، وأن الانغماس في العادات والسلبيات سواء فكرية أو سلوكية لن تسمن ولا تغني من جوع، فجميعها تنال من صحتنا النفسية والجسدية وتدمر ذاتنا وتعزز فراغنا العاطفي والفكري. نحتاج مع أنفسنا إلى قرار جريء وحازم لنجربه هذه السنة ونتعامل مع الحاضر والمستقبل وندع الماضي يلهو في الذاكرة.. المهم أن نتخذ قرار البداية مع بداية هذه السنة ونقول لأنفسنا سنبدأ من هذه الساعة بالتغيير حتى ولو كان طفيفاً. ففلسفة التغيير مثل كرة الثلج تبدأ كرة صغيرة وتتدحرج الى أن تصبح كرة كبيرة من الثلج لا أحد يستطيع الوقوف أمامها .. وعندما نصر أن نبدأ فلنبدأ بما هو متاح وأول شيء متاح ولا يحتاج تكاليف هو قدراتنا ومواطن القوة في شخصياتنا، وأيضاً ما هو متاح من إمكانات وموارد مادية ونختار من مبادرة الى ثلاث مبادرات هامة وكبيرة نريد أن نحققها وأن نبتعد عن التمني وأحلام اليقظة والشعارات التي ينغمس فيها الحالمون فكفاية أحلاما ونريد أن نعيش حالة من الاستيقاظ والحقيقة، وإذا رأينا أنفسنا قد بدأنا نتراخى فلنكرر ما قررنا أن نقوم به ولا يمنع أن نتشارك في سياسة التغيير مع من تربطنا بهم علاقة حميمة؛ لإيجاد أرضية من التحدي والتحفيز والمؤازرة، وان نرمي بعرض الحائط العلاقات غير الصادقة والمحبطة والسلبية والتي لا تتحدث عن الأفكار بل عن الآخرين. البداية تتطلب التخلص من الأشياء التي لا لزوم لها في حياتنا، متى نتخلص من التوتر والإجهاد العاطفي والفكري والجسدي ونتعلم كيف تكون شخصياتنا توكيدية نستطيع أن نقول (لا) لأنفسنا أولاً ثم للآخرين. وعام مليء بالمفاجآت السارة والنجاحات للجميع.