قدم الدكتور عبدالحميد النوري أستاذ اللغة والنحو بجامعة أم القرى خلال الحلقة النقدية التي نظمها نادي جدة الأدبي أمس الاول ورقة نقدية بعنوان (قراءة في المصطلح النحوي العربي). وقال النوري توافقا مع ما جاء في نصّ العنوان: نروم في هذا البحث أن نتتبع حال المصطلح النحويّ من خلال ما جاء في النصوص النحوية القديمة، ولاسيّما النصوص المؤسسة منها، إذ هي تحتلّ قيمة كبيرة، من حيث كونها مشبّعة بأبعاد معرفيّة ونظريّة هي بحاجة إلى معرفة واستكشاف، هذا فضلا عن كون هذه النصوص تتّسم بمنهج في الدرس والتأليف مكّن النحاة القدامى من دراسة اللغة العربية وتحليلها ووصفها لاستنباط القوانين والأحكام النحويّة والصرفيّة، وقد توسل النحاة في وضع مصنفاتهم بضبط جملة كبيرة من المصطلحات القائمة على جملة هائلة من المفاهيم اللغويّة. وقال: إن القراءة التي نروم تحقيقها هي مقاربة لسانية للنصوص المشار إليها، ونظرا إلى كثرة هذه النصوص وتنوعها، ونظرا إلى الحيز الزماني والمكاني الممتد على عدة قرون من الزمان وعلى جغرافية واسعة، فسوف لن نختار نصوصا بعينها وإنما سوف نتتبع المصطلح، حيث وجد لأنه يتسم بكثير من الثبات، ومجال تغييره ضئيل. وأضاف: "إن قراءة هذه النصوص وبالنظر إلى عمقها وصعوبتها، فليس من السهل أن نقرأها في دائرة المعارف التي كتبت في نطاقها، أي في نطاق ثقافة القرنين الثالث والرابع أو السادس والسابع للهجرة وما تلاها؛ لأن هذه القراءة بهذه الشاكلة سوف لن تكون إلا اجترارا للمادة نفسها. ولا غرو في أن هؤلاء النحاة المتقدمين منهم والمتأخرين على درجة عالية من النباهة ومن القدرة العجيبة على فهم اللغة العربية والنجاح في تحقيق ما يصبون إليه من تحليل اللغة في جميع مستوياتها والكشف عن خباياها والكثير من أسرارها، إذ لم يدخر هؤلاء جهدا في الاستفادة من كل معارف عصرهم، سواء فيما يتعلق بالفقه أو الفلسفة والمنطق أو بقيّة العلوم. ولا عيب في اعتقادي من أن نقرأ هذه النصوص في يومنا هذا مستفيدين نحن أيضا من علوم عصرنا وهي كثيرة لا محالة، منها ما يمسّ اللغة مباشرة أو غير مباشرة بدءًا باللسانيات والعلوم الإنسانيّة والاجتماعية، وانتهاء بالعلوم التطبيقية والصحيحة، مثل الفيزياء والطب وتشريح الأعصاب والرياضيات". وأكد أن المراهنة على مقاربة هذه النصوص وقراءتها ستملي علينا أن نفهم هذه النصوص الفهم الجيّد، وأن نمارسها ممارسة جيّدة، وأن نستكشف من خلالها الخلفيات النظرية والمعرفية الكامنة وراءها. وقال: "ندرك حقيقة المنهج المتّبع في المستويات اللغوية جميعها: الصوتيّة والصرفية والتركيبية والدلالية، وأن ندرك حقيقة المصطلح في ضبطه وتعريفه ونشأته وتطوّره. والمصطلح باعتباره مدخلا لسانيا إلى هذه النصوص يعكس لا محالة أبعادا معرفيّة وثقافيّة وتاريخيّة لا تخفى، ومن هنا يكون المصطلح والمفهوم المشبّع به مدخلا لفهم هذه النصوص ومقاربتها". وعن المصطلح في بعده التاريخي قال النوري: "إنّما نحن نريد أن نعالج قضية المصطلح النحويّ القديم على وجه الدقّة، وإن كانت عبارة القديم في هذا المجال لا معنى لها؛ لأنّ هذا المصطلح ما زال يتمتّع بكلّ قيمته، وهو ما زال شائعا إلى يومنا هذا في استعمالاتنا المختلفة، هو شائع في الدرس النحويّ الحديث، وتدريس النحو في كافة مؤسساتنا التعليميّة في مختلف البلدان العربيّة، والاهتمام بالمصطلح ليس ترفا فكريّا ولا موضوعا مستقلّا بنفسه، وإنّما هو يستعمل للضرورة، وممّا تدعو إليه الحاجة، وخاصّة في بداية التأسيس المعرفيّ، من نحو بداية التأسيس للنحو العربيّ. ونحن نستحضر في هذا الشأن الخليل بن أحمد وسيبويه اللذين يرجع إليهما الفضل في وضع أغلب أو جلّ مصطلحات النحو، والتي ظلّت صالحة في معظمها إلى يومنا هذا". وشهدت الحلقة التي أدارها الناقد الدكتور محمد ربيع الغامدي مداخلات عدد كبير من النقاد الحاضرين والمهتمين ما بين مؤيد ومعارض، وكان من أبرز الحضور الدكتور سعيد السريحي والناقد على الشدوي والدكتور عبدالله الخطيب والدكتور احمد ربيع والدكتورة اميرة كشغري والدكتور يحيى الزبيدي وشعلان الشمري وصالح فيضي وحسن رحماني والدكتور احمد صبره وجواهر الحربي وحنان بياري. شهدت الحلقة تأييداً ومعارضة لما طرح