التحقيق المشترك من قبل كل من الولاياتالمتحدةوسويسرا في الفساد الحاصل في الاتحاد العالمي لكرة القدم، الفيفا، عمل على فتح تحقيق مع اثنتين من المؤسسات الأمريكية: قطاع الأعمال المصرفية ووسائل الإعلام. منذ شهر أيار (مايو)، عندما أجرت وزارة العدل في كلا البلدين أول موجة لها من الاعتقالات لمسؤولي الفيفا، تساءل كثيرون عن سبب استهداف السلطات الأمريكية لرياضة لديها فيها سمعة ضعيفة نسبيا واهتمام قليل من الناس في الولاياتالمتحدة. بعض مسؤولي كرة القدم من البلدان النامية شبهوا المحققين بالإمبرياليين. لكن تركيز وزارة العدل منذ البداية انصب على مسؤولي الفيفا الأمريكيين المتورطين في مخطط الرشاوى المزعوم، مثل تشاك بليزر، الرئيس الأسبق لاتحاد أمريكا الشمالية لكرة القدم، وعلى الشركات الأمريكية التي يشتبه بتسهيلها تلك المعاملات. في وقت سابق من هذا الشهر، حصلت غارة أخرى في زيوريخ، حيث يوجد مقر الفيفا، وأسفرت عن اعتقالات ل16 رجلا آخر والكشف عن لائحة اتهام بديلة تعلن عن اعتراف بالذنب من قبل ثمانية متهمين، بمن فيهم أليخاندرو بورزاكو، الرئيس الأسبق لشركة التسويق الرياضية الأرجنتينية، تورنيوس واي كومبيتينسياس. ابتداء من عام 1999، عملت شركة تي أند تي الرياضية للتسويق، وهي مشروع مشترك بين تورنيوس وشركة ترافيك البرازيلية، المختصة في الإعلام الرياضي، على شراء حقوق البث الحصري لثلاث بطولات كبرى لكرة القدم في أمريكا اللاتينية- كأس ليبرتادوريس، وكأس أمريكا الجنوبية، وكأس ريكوبا سودأميريكانا- حيث تدعي السلطات أن المشروع المشترك تم من خلال سلسلة من الرشاوى من تورنيوس إلى مختلف المسؤولين رفيعي المستوى في كونميبول، اتحاد أمريكا الجنوبية. استمر بورزاكو في هذه الممارسة عندما استحوذ على حصة أقلية في تورنيوس في عام 2005. تنص لائحة الاتهام على أن شركة تي أند تي مملوكة جزئيا من قبل تورنيوس، وشركائها و «مجموعة من المستثمرين التي تضم شركة تابعة لشركة البث الرئيسية ومقرها في الولاياتالمتحدة والتي هويتها معروفة لدى هيئة المحلفين». تذكر وكالة رويترز أن الشركة هي (فوكس القرن الحادي والعشرين)، والتي تدرج تي أند تي على أنها شركة فرعية في بيان قُدِّم في العام الماضي إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات في نيويورك، وتمتلك حاليا 75 بالمائة من أسهمها. (كما تذكر رويترز أيضا بأن تي أند تي مسجلة في جزر الكايمان، وليس لديها رقم هاتف مدرج وربما ليس لديها موظفون تابعون لها). في عام 2002، تشاركت فوكس مع ليبرتي ميديا وشركة الأسهم الخاصة «هيكز وميوز وتيت وفيرست» من أجل توزيع أسهم الشبكات الرياضة التي تتحدث الإسبانية لتصبح شركة Fox Pan American Sports. لدى كل من شركاء فوكس أسهم في شركات تي أند تي الأم، ونتيجة لذلك، استحوذت فوكس على حقوق كأس ليبرتادوريس وكأس أمريكا الجنوبية، وهذه صفقة تم تمديدها الشهر الماضي حتى عام 2018. وكما لو أن هذه الشبكة من شركات الإعلام الأمريكية غير معقدة بما فيه الكفاية، فإن شركة DirecTV المزودة للبث عبر الأقمار الصناعية تمتلك 40 بالمائة من تورنيوس وتحتل أربعة مقاعد في مجلس إدارتها المكون من تسعة أعضاء. كما تمتلك تورنيوس أيضا حقوق كأس أمريكا، وفي هذا العام، تبث DirecTV في أمريكا اللاتينية البطولة في الأرجنتين وتشيلي وكولومبيا. كما يقال إن هذه الشركة استطاعت أيضا تأمين وضمان حقوق بث كأس أمريكا سينتياريو في الصيف القادم، احتفالا بالذكرى المئوية للبطولة. قال المتحدثون الرسميون باسم كل من فوكس وDirecTV لصحيفة وول ستريت في يونيو إنه ليس لديهم أي سيطرة إدارية على تورنيوس أو تي أند تي. تخصص لائحة الاتهام أيضا قسما فرعيا بأكمله ل «الدور المركزي للنظام المالي الأمريكي» في فضيحة الفيفا. تقول وزارة العدل إنه خلال السنوات الثلاثين الماضية، كان المسؤولون المتهمون يعتمدون اعتمادا كبيرا على المصارف الأمريكية والمؤسسات المالية، وأن هذا الاعتماد «كان لا يستهان به ومتواصلا وكان واحدا من الأساليب والطرق المحورية التي من خلالها روجوا وأخفوا مخططاتهم». وقد شمل هذا تحويل مليارات الدولارات من المصارف السويسرية إلى حسابات أمريكية، وحسابات مصرفية يحتفظ بها المسؤولون الذين تلقوا الرشاوى والعمولات، والمعاملات التي تشمل شركات إعلامية أجنبية، بما في ذلك تورنيوس وترافيك، باستخدام المصارف الأمريكية للقيام بأعمالهم. تضيف لائحة الاتهام: «اعتمد المتآمرون أيضا على القوة الأوسع نطاقا وعلى استقرار النظام المالي الأمريكي، بما في ذلك إمكانية الوصول إلى أسواق الأسهم الخاصة». في الأسابيع التي تلت الكشف عن لائحة الاتهام، عمل ممثلو النائب العام في الولاياتالمتحدة على تعزيز الضغوط المفروضة على المصارف الأمريكية والأوروبية التي يعتقد بانها متواطئة في مخطط الرشاوى. تذكر صحيفة الفايننشال تايمز أن ممثلي النائب العام اجتمعوا بشكل خاص مع المسؤولين التنفيذيين من بنك جيه بي مورجان، وبنك أمريكا، وبنك سيتي جروب، وكريدي سويس، وبنك إتش إس بي سي، وستاندرد تشارترد وبنك يو بي إس. يبدو بأن القضية المركزية هي ما إذا كانت تلك المؤسسات قد فشلت في الامتثال بواجبها الذي يُلزِمها الإبلاغ عن أي معاملات مشبوهة- وهذا فشل كلف المصارف كثيرا عندما تتجاهل الإشارات التحذيرية للنشاط الإجرامي، بصفة خاصة التسوية بمبلغ 2.6 مليار يورو في بنك جيه بي مورجان في قضية بيرنارد مادوف وتسوية بقيمة 926 مليون دولار في ما يسمى بحادثة «حوت لندن». نظرا لما سبق، فإن إجابة البنك بأن «بعض الأشخاص المتهمين في مخطط الرشوة كانوا من بعض رجال الأعمال الأكثر احتراما في بلدانهم، ولم يثيروا شبهات» لا توحي بالثقة تماما. سيكون تعاون السلطات السويسرية ضروريا في تحديد الدور الذي لعبه ذلك النظام المصرفي المنغلق في قضايا الفساد في الفيفا ومدى ارتباطه بالمؤسسات الأمريكية. في شهر حزيران (يونيو)، ذكر النائب العام السويسري مايكل لوبر أن «المصارف في سويسرا أدت بالفعل جميع واجباتها من حيث الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة»، بالإبلاغ عن ما يصل إلى 53 من حالات الاشتباه بغسيل الأموال. وهناك تقارير تشير إلى أن بنك يو بي إس يتعاون مع التحقيقات الجارية، وفي شهر نوفمبر، أصدرت السلطات السويسرية أول أمر لها بإرسال المعلومات من الحسابات المصرفية السويسرية إلى ممثلي النائب العام في الولاياتالمتحدة. وفي الأسبوع الماضي، جمدت وزارة العدل السويسرية الحسابات التي تحتوي على مبالغ تقع بين 50 مليون دولار و100 مليون دولار بناء على طلب المحققين الأمريكيين. يبدو الأمر وبشكل متزايد وكأن المصارف في جميع أنحاء العالم لم تقدم ما هو كاف لمراقبة أنشطة الفيفا المالية لديها. في عام 2009 و2012، أصدرت فرقة العمل المالية في مقرها في باريس تحذيرا أشار إلى كرة القدم مليئة بعمليات غسيل الأموال. تعتبر الفضيحة درسا رئيسيا للمؤسسات المالية بشأن الحاجة إلى إجراء مراجعة داخلية شاملة والإبلاغ الشامل. مع هذا، الاستقرار الكبير للنظام المالي الأمريكي الذي اعتمد عليه المتهمون يعتمد على شرعية السوق والقدرة على التخلص من الغش والاحتيال. هل ما زلنا بحاجة إلى التساؤل عن سبب انخراط المباحث الفدرالية في التحقيق؟