في مساء يوم الجمعة 24/1/1437ه رحل العم والأب والداعية الشيخ/ صالح بن فهد الغفيلي تغمده الله بواسع رحمته، وإنني في هذا المقام لن أتطرق لسيرته العطرة لأنها أكبر من أن تذكر، لذلك سأقتصر على لمحات من حياته العامرة. أقول إن الشيخ صالح رحمه الله ممن نشأ على حب الله ورسوله وسلك طريق الخير والصلاح منذ بدء حياته حتى توفاه الله.. حيث عاش حياته في منطقة القصيم وبعدها منطقة مكةالمكرمة ثم المنطقة الشرقية ثم منطقة الرياض وتحديداً في حي منفوحة حيث عين عمدة على أهلها آنذاك.. والجدير بالذكر أنه رحمه الله كانت له مبادرة مشرفة من خلال بنائه مسجدا من الطين بناه بيده رحمه الله وسمي بمسجد (الغفيلي) إلى أن تمت إعادة صياغة موقعه لتستلمه الأوقاف وتتبنى بناءه بشكل رسمي وفي عام 1390/1391ه انتقل الشيخ رحمه الله إلى الظهران في حي الثقبة ومن بعدها حي الدوحة ليستلم إمامة وخطابة الجامع الكبير بالدوحة في عام 1405ه، فكان نبراساً للناصح الأمين والواعظ الفصيح والمتحدث الجريء الذي لا تأخذه في الله لومة لائم.. وكم كان لحديثه بين الأذان والإقامة وقت صلاة العشاء مذاق جميل وجليل في زمن توارت فيه الأحاديث والمواعظ إبان بدايات الألفية الثالثة.. وكنت أروي مسامعي فيعود بي حديثه رحمه الله لفترة الثمانينيات الميلادية حيث كان والدي الشيخ محمد رحمه الله على نفس المنوال في طريقة الحديث وشرحه وتوصيله بأسلوب تستسيغه القلوب والمشاعر.. كانت لقاءاتي المنفردة به رحمه الله كلقاء التلميذ بمعلمه.. كنت أراه رحمه الله ينظر للحياة مهما اشتدت خطوبها برؤية تفاؤلية غير مستسلمة لهزائم اليأس والإحباط.. كنت أبصر في وجهه المائة عام وقد تحولت بوابة للدخول إلى آفاق الطموح وميادين الأحلام الواقعية.. كنت أشاهده وهو يوثق أواصر المحبة بينه وبين الله جل في علاه من خلال حسن ظنه بالله وثباته ويقينه وتصديقه بكل ما وعده إله العالمين لعباده الأوابين.. لقد كان يرحمه الله يبدي لي أسفه وحسرته على عدم الصلاة بمسجده وقد بلغ ما بلغ من تدهور في وضعه الصحي.. وكم كان يتأوه من عدم صيام النوافل فضلاً عن صيام الفريضة بسبب التزامه بالعلاج صباحاً ومساءً.. إن مشاهدة اكتظاظ الجامع بالمصلين على جنازته رحمه الله ذكرتني بالآية العطرة (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) سورة الأحقاف 46. وبذلك المشهد المؤثر تكتمل في حي الدوحة أجمل وأصدق لوحة ألا وهي «لوحة الوفاء» التي امتازت بأن سجايا الفقيد وخصاله المجيدة هي الرسمة والرسام. وأود الختام بالإهداء الآتي: يا أيها الرجل الصالح (صالح) .. رحيلك ألمٌ جارح. تجرعه الفؤاد.. إي وربي وأفئدة العباد. إنما درب الرشاد.. الذي اخترته.. كان لك خير زاد.. يا من كان لباب الجود فاتح.. ولأيدي المسيء مصافح.. كيف لا يرثيك عدد كاسح.. أو لست صاحب عمل صالح.