فجعت صبيحة يوم الجمعة الموافق للخامس عشر من شهر رجب للعام الثاني والثلاثين بعد الأربعمائة والألف للهجرة النبوية الشريفة باتصال من خالي العزيز (والد زوجتي) الشيخ صالح السليمان الدباسي يخبرني فيه بوفاة شقيقه العم العزيز محمد بن سليمان بن عبدالله الدباسي عن عمر يناهز الثالثة والسبعين عاماً وبعد معاناة مع المرض، وقد أديت الصلاة عليه ظهر يوم الجمعة نفسه في جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب ثم ووري جثمانه الثرى في مقبرة الموطأ بمدينة بريدة. لقد فقدنا بموته رجلاً بمعنى الكلمة يحمل صفات نادرة وأخلاقاً عالية وطيبة متناهية.. فالبشاشة دوماً تعلو محياه.. وحب الآخرين سجيته.. عطوف.. رحيم.. صافي العقيدة.. نقي السريرة.. لا تهمه الدنيا وبهرجتها وزينتها ومتاعها وإنما يسعى إلى الجنة وإلى رضا الخالق. زرته في المنزل وزرته في المستشفى عدة مرات ولم أسمع منه إلا الحمد والشكر لله، فلم يجزع ولم يتضجر ولم يتأوه ويتألم ويئن، وإنما كان يحمد الله ويقول، أنا طيب وبخير، والله وحده أعلم بما كان يقاسيه ويعانيه من الآلام والأوجاع. كنت دائماً حينما أقابله أو ألتقيه في المناسبات أعتذر منه على تقصيري معه وقلة تواصلي وزياراتي فيقول: (يا ولدي ما دمتم بخير ونعمة فهذا هو المهم). وكان يتحفنا بقصص جميلة مفيدة ومسلية وليس فيها غيبة أو نميمة، وقد كنا نفرح بمجلسه ولا نشعر بالملل من حديثه، كان -رحمه الله- باراً بوالديه ومكافحاً وعصامياً في حياته.. حنوناً مع شقيقاته وأبنائه وبناته.. فقد ابنته وفقد والديه وفقد شقيقته وكان راضياً محتسباً ويردد {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. كان -رحمه الله- يحرص على قيام الليل باستمرار وفق ما ذكره لي أحد أبنائه، وقد دخلت عليه عدة مرات في المسجد الذي يؤذن فيه وأراه دائماً إما يقرأ كتاب الله أو يؤدي السنن الرواتب والنوافل. كان ابنه سليمان يسأله في آخر أيام حياته وهو في شبه غيبوبة هل تريد أن تشرب فيومئ برأسه معبراً عن عدم رغبته وكذلك الأكل ولكنه عندما يسأله هل تريد أن تصلي يهز رأسه موافقاً، وقد أذن في مستشفى الملك فهد للحرس الوطني بالرياض وهو في غيبوبة ولا غرابة فقد أمضى ربع قرن مؤذناً. تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، وعزائي لأخيه الشيخ صالح ولأبناء الفقيد وبناته وزوجته وشقيقاته. والله من وراء القصد عبدالعزيز بن صالح الدباسي - بريدة- الشؤون الاجتماعية